هذا مذهب أبي عبيدة.
والثالث : أنها دخلت على الجذع لتلصقه بالهزّ ، فهي مفيدة للإلصاق ، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى : (تُساقِطْ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، والكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم : «تسّاقط» بالتاء مشددة السين ، وقرأ حمزة ، وعبد الوارث : «تساقط» بالتاء مفتوحة مخفّفة السين ، وقرأ حفص عن عاصم : «تساقط» بضمّ التاء وكسر القاف مخفّفة السين ، وقرأ يعقوب ، وأبو زيد عن المفضّل : «يسّاقط» بالياء مفتوحة وتشديد السين وفتح القاف. فهذه القراءات المشاهير. وقرأ أبيّ بن كعب ، وأبو حيوة : «يسقط» بفتح الياء وسكون السين ورفع القاف. وقرأ عبد الله بن عمرو ، وعائشة ، والحسن : «يساقط» بألف وتخفيف السين ورفع الياء وكسر القاف. وقرأ الضّحّاك ، وعمرو بن دينار : «يسقط» برفع الياء وكسر القاف مع سكون السين وعدم الألف. وقرأ عاصم الجحدريّ ، وأبو عمران الجوني مثله ، إلّا أنه بالتاء. وقرأ معاذ القارئ ، وابن يعمر مثله ، إلّا أنه بالنون. وقرأ أبو رزين العقيلي ، وابن أبي عبلة : «تسقط» بالتاء مفتوحة مع سكون السين ورفع القاف. وقرأ أبو السّمّال العدويّ ، وابن حذلم : «تتساقط» بتاءين مفتوحين وبألف. وقال الزّجّاج : من قرأ «يسّاقط» فالمعنى : يتساقط ، فأدغمت التاء في السين. ومن قرأ «تسّاقط» فكذلك أيضا ، وأنّث لأنّ لفظ النّخلة مؤنّث. ومن قرأ «تساقط» بالتاء والتّخفيف ، فإنه حذف من «تتساقط» اجتماع التاءين. ومن قرأ «يساقط» ذهب إلى معنى : يساقط الجذع عليك. ومن قرأ «نساقط» بالنون ، فالمعنى : نحن نساقط عليك ، فنجعله لك آية ، والنحويون يقولون : إنّ «رطبا» منصوب على التّمييز إذا قلت : يسّاقط أو يتساقط ، المعنى : يتساقط الجزع رطبا. وإذا قلت : تسّاقط بالتاء ، فالمعنى : تتساقط النّخلة رطبا.
قوله تعالى : (جَنِيًّا) قال الفرّاء : الجنيّ : المجتنى ، وقال ابن الأنباري : هو الطّريّ ، والأصل : مجنوّ ، صرف من مفعول إلى فعيل ، كما يقال : قديد ، وطبيخ ، وقال غيره : هو الطّريّ بغبارة ؛ ولم يكن لتلك النّخلة رأس ، فأنبته الله تعالى ، فلما وضعت يدها عليه ، سقط الرّطب رطبا وكان السّلف يستحبّون للنّفساء الرّطب من أجل مريم عليهاالسلام.
قوله تعالى : (فَكُلِي) أي : من الرّطب (وَاشْرَبِي) من النّهر (وَقَرِّي عَيْناً) بولادة عيسى عليهالسلام. قال الزّجّاج : يقال : قررت به عينا أقرّ ، بفتح القاف في المستقبل وقررت في المكان أقر بكسر القاف ، «وعينا» : منصوب على التّمييز. وروى ابن الأنباري عن الأصمعي أنه قال : معنى «وقرّي عينا» ؛ ولتبرد دمعتك ، لأنّ دمعة الفرح باردة ، ودمعة الحزن حارّة. واشتقاق «قرّي» من القرور ، وهو الماء البارد. وقال لنا أحمد بن يحيى : تفسير «قرّي عينا» بلغت غاية أملك حتى تقرّ عينك من الاستشراف إلى غيره. واحتجّ بقول عمرو بن كلثوم :
بيوم كريهة ضربا وطعنا |
|
أقرّ به مواليك العيونا (١) |
أي ظفروا وبلغوا منتهى أمنيتهم ، فقرّت أعينهم من تطلّع إلى غيره.
قوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَ) وقرأ ابن عباس ، وأبو مجلز ، وابن السّميفع ، والضّحّاك ، وأبو العالية ،
__________________
(١) البيت في «مختار الشعر الجاهلي» ٢ / ٣٦٢ و «اللسان» ـ قرر ـ.