والقاسم بن مخيمرة. والثاني : تركوها ، قاله القرظيّ ، واختاره الزّجّاج. قوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) قال أبو سليمان الدّمشقي : وذلك مثل استماع الغناء ، وشرب الخمر ، والزّنا ، واللهو ، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عزوجل. قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ليس معنى هذا اللقاء مجرّد الرّؤية ، وإنما المراد به الاجتماع والملابسة مع الرؤية. وفي المراد بهذا الغيّ ستّة أقوال (١) :
(٩٦١) أحدها : أنه واد في جهنّم ، رواه ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبه قال كعب.
والثاني : أنه نهر في جهنّم ، قاله ابن مسعود. والثالث : أنه الخسران ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع : أنه العذاب ، قاله مجاهد. والخامس : أنه الشرّ ، قاله ابن زيد ، وابن السّائب. والسادس : أنّ المعنى : فسوف يلقون مجازاة الغيّ ، كقوله : (يَلْقَ أَثاماً) (٢) أي : مجازاة الآثام ، قاله الزّجّاج.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) فيه قولان : أحدهما : تاب من الشّرك ، وآمن بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، قاله مقاتل. والثاني : تاب من التّقصير في الصلاة ، وآمن من اليهود والنّصارى.
قوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) وقرأ أبو رزين العقيليّ ، والضّحّاك ، وابن يعمر ، وابن أبي عبلة : «جنات» برفع التاء. وقرأ الحسن البصريّ ، والشّعبيّ ، وابن السّميفع : «جنة عدن» على التوحيد مع رفع التاء. وقرأ أبو مجلز ، وأبو المتوكّل النّاجي : «جنّة عدن» على التوحيد مع نصب التاء. وقوله : (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) أي : وعدهم بها ، ولم يروها ، فهي غائبة عنهم.
قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) فيه قولان : أحدهما : آتيا ، قال ابن قتيبة : وهو «مفعول» في معنى «فاعل» ، وهو قليل أن يأتي الفاعل على لفظ المفعول به. وقال الفرّاء : إنما لم يقل : آتيا ، لأنّ كلّ ما أتاك ، فأنت تأتيه ؛ ألا ترى أنك تقول : أتيت على خمسين سنة ، وأتت عليّ خمسون سنة. والثاني : مبلوغا إليه ، قاله ابن الأنباري. وقال ابن جريج : «وعده» ها هنا : موعوده ، وهو الجنة ، و «مأتيا» : يأتيه أولياؤه.
قوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً) فيه قولان : أحدهما : أنه التّخالف عند شرب الخمر ، قاله مقاتل. والثاني : ما يلغى من الكلام ويؤثم فيه ، قاله الزّجّاج. وقال ابن الأنباري : اللغو في العربية : الفاسد المطّرح. قوله تعالى : (إِلَّا سَلاماً) قال أبو عبيدة : السّلام ليس من اللغو ، والعرب تستثني الشيء بعد الشيء وليس منه ، وذلك أنّها تضمر فيه ، فالمعنى : إلّا أنهم يسمعون فيها سلاما. وقال ابن
____________________________________
(٩٦١) باطل. عزاه السيوطي في «الدر» ٤ / ٥٠٠ لابن مردويه من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا ونهشل متروك متهم ، والضحاك لم يلق ابن عباس.
_________________
فلو كان الذين وصفهم بأنهم ضيعوها مؤمنين لم يستثن منهم من آمن وهم مؤمنون ، ولكنهم كانوا كفارا لا يصلون لله ولا يؤدون له فريضة.
وقد قيل : هم قوم من هذه الأمة يكونون في آخر الزمان.
(١) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٨ / ٣٥٧ : وكل هذه الأقوال متقاربات المعاني.
(٢) سورة الفرقان : ٦٨.