(٩٧٤) ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : «أنا فرطكم على الحوض».
قوله تعالى : (أَوْ أَنْ يَطْغى) فيه قولان : أحدهما : يستعصي ، قاله مقاتل. والثاني : يجاوز الحدّ في الإساءة إلينا. قال ابن زيد : نخاف أن يعجل علينا قبل أن نبلغه كلامك وأمرك.
قوله تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما) أي : بالنصرة والعون (أَسْمَعُ) أقوالكم (وَأَرى) أفعالكم. قال الكلبيّ : أسمع جوابه لكما ، وأرى ما يفعل بكما.
قوله تعالى : (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أي : خلّ عنهم (ولا تعذّبهم) وكان يستعملهم في الأعمال الشّاقّة ، (قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ) قال ابن عباس : هي العصا. قال مقاتل : أظهر اليد في مقام ، والعصا في مقام. قوله تعالى : (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) قال مقاتل : على من آمن بالله. قال الزّجّاج : وليس يعني به التّحيّة ، وإنما معناه : أنّ من اتّبع الهدى ، سلم من عذاب الله وسخطه ، والدليل على أنه ليس بسلام ، أنه ليس بابتداء لقاء وخطاب. قوله تعالى : (عَلى مَنْ كَذَّبَ) أي : بما جئنا به وأعرض عنه.
(قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥))
قوله تعالى : (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما) في الكلام محذوف معناه معلوم ، وتقديره : فأتياه فأدّيا الرّسالة. قال الزّجّاج : وإنما لم يقل : فأتياه ، لأنّ في الكلام دليلا على ذلك ، لأنّ قوله : «فمن ربّكما» يدلّ على أنهما أتياه وقالا له.
قوله تعالى : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أعطى كلّ شيء صورته ، فخلق كلّ جنس من الحيوان على غير صورة جنسه ، فصورة ابن آدم لا كصورة البهائم ، وصورة البعير لا كصورة الفرس ، روى هذا المعنى الضّحّاك عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير. والثاني : أعطى كلّ ذكر زوجة مثله ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال السّدّيّ ، فيكون المعنى : أعطى كلّ حيوان ما يشاكله. والثالث : أعطى كلّ شيء ما يصلحه ، قاله قتادة. وفي قوله : (ثُمَّ هَدى) ثلاثة أقوال : أحدها : هدى كيف يأتي الذّكر الأنثى ، رواه الضّحّاك عن ابن عباس ، وبه قال ابن جبير. والثاني : هدى للمنكح والمطعم والمسكن ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث : هدى كلّ شيء إلى معيشته ، قاله مجاهد. وقرأ عمر بن الخطّاب ، وابن عباس ، والأعمش ، وابن السّميفع ، ونصير عن الكسائيّ : «أعطى كلّ شيء خلقه» بفتح اللام.
____________________________________
(٩٧٤) صحيح. أخرجه البخاري ٦٥٨٩ ومسلم ٢٢٨٩ والحميدي ٧٨٧ وابن أبي شيبة ١١ / ٤٤٠ وأحمد ٤ / ٣١٣ والطبراني ١٦٨٨ و ١٦٨٩ و ١٦٩١ وابن حبان ٦٤٤٥ و ٦٤٤٦ من طرق عن جندب بن سفيان البجليّ. وفي الباب أحاديث كثيرة.