قدرته ، فقال : إذن لا يقبل الله منك ما كنت على دينك ، فقال : يا إبراهيم ، لا أستطيع ترك ملكي ، ولكن سوف أذبح له ، فذبح القربان وكفّ عن إبراهيم.
قال المفسّرون : ومعنى : «كوني بردا» أي : ذات برد ، «وسلاما» أي : سلامة. (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) وهو التّحريق بالنار (فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) وهو أنّ الله تعالى سلّط البعوض عليهم حتى أكل لحومهم وشرب دماءهم ، ودخلت واحدة في دماغ نمرود حتى أهلكته ، والمعنى : أنهم كادوه بسوء. فانقلب السّوء عليهم. قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ) أي : من نمرود وكيده (وَلُوطاً) وهو ابن أخي إبراهيم ، وهو لوط بن هاران بن تارخ ، وكان قد آمن به ، فهاجرا من أرض العراق إلى الشّام. وكانت سارة مع إبراهيم في قول وهب. وقال السّدّيّ : إنما هي ابنة ملك حرّان ، لقيها إبراهيم فتزوّجها على أن لا يغيّرها ، وكانت قد طعنت على قومها في دينهم.
فأمّا قوله تعالى : (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) ، ففيها قولان : أحدهما : أنها أرض الشّام ، وهذا قول الأكثرين. وبركتها : أنّ الله تعالى بعث أكثر الأنبياء منها ، وأكثر فيها الخصب والثّمار والأنهار. والثاني : أنها مكّة ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. والأول أصحّ.
قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ) يعني : إبراهيم (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً). وفي معنى النّافلة قولان : أحدهما : أنها بمعنى الزّيادة ، والمراد بها : يعقوب خاصّة ، فكأنه سأل واحدا ، فأعطي اثنين ، وهذا مذهب ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، والفرّاء. والثاني : أنّ النّافلة بمعنى العطيّة ، والمراد بها : إسحاق ويعقوب ، وهذا مذهب مجاهد ، وعطاء. قوله تعالى : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) يعني : إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، قال أبو عبيدة : «كلّ» يقع خبره على لفظ الواحد ، لأنّ لفظه لفظ الواحد ، ويقع خبره على لفظ الجميع ، لأنّ معناه معنى الجميع.
قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) أي : رؤوسا يقتدى بهم في الخير (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) أي : يدعون الناس إلى ديننا بأمرنا إيّاهم بذلك (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) قال ابن عباس : شرائع النبوّة. وقال مقاتل : الأعمال الصالحة ، (وَإِقامَ الصَّلاةِ) قال الزّجّاج : حذف الهاء من إقامة الصلاة قليل في اللغة ، تقول : أقام إقامة ، والحذف جائز ، لأنّ الإضافة عوض من الهاء.
(وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥))
قوله تعالى : (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً) قال الزّجّاج : انتصب «لوط» بفعل مضمر ، لأنّ قبله فعلا ، فالمعنى : وأوحينا إليهم وآتينا لوطا. وذكر بعض النّحويين أنه منصوب على «واذكر لوطا» ، وهذا جائز لأنّ ذكر إبراهيم قد جرى ، فحمل لوط على معنى : واذكر. قال المفسّرون : لمّا هاجر لوط مع إبراهيم ، نزل إبراهيم أرض فلسطين ونزل لوط بالمؤتفكة على مسيرة يوم وليلة أو نحو ذلك من إبراهيم ، فبعثه الله نبيّا. فأمّا «الحكم» ففيه قولان : أحدهما : أنه النبوّة ، قاله ابن عباس. والثاني : الفهم والعقل ، قاله مقاتل ، وقد ذكرنا فيه أقوالا في سورة يوسف (١). وأمّا «القرية» ها هنا ، فهي سدوم ، والمراد أهلها ،
__________________
(١) سورة يوسف : ٢٢.