السّميفع : «حضب» بالضاد المعجمة المفتوحة. وقرأ عروة ، وعكرمة ، وابن يعمر ، وابن أبي عبلة : «حضب جهنم» بإسكان الضاد المعجمة. وقرأ أبو المتوكّل ، وأبو حيوة ، ومعاذ القارئ «حضب» بكسر الحاء مع تسكين الضاد المعجمة. وقرأ أبو مجلز ، وأبو رجاء ، وابن محصين : «حصب» بفتح الحاء ويصاد غير معجمة ساكنة. قال الزّجّاج : من قرأ «حصب جهنم» فمعناه : كلّ ما يرمى به فيها ، ومن قرأ «حطب» فمعناه : ما توقد به ، ومن قرأ بالضاد المعجمة ، فمعناه : ما تهيج به النار وتذكى به ، قال ابن قتيبة : الحصب : ما ألقي فيها ، وأصله من الحصباء ، وهو الحصى ، يقال : حصبت فلانا ؛ إذا رميته حصبا ، بتسكين الصاد ، وما رميت به فهو حصب ، بفتح الصاد.
قوله تعالى : (أَنْتُمْ) يعني : العابدين والمعبودين (لَها وارِدُونَ) أي : داخلون. (لَوْ كانَ هؤُلاءِ) يعني : الأصنام (آلِهَةً) على الحقيقة (ما وَرَدُوها) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه إشارة إلى الأصنام ، والمعنى : لو كانوا آلهة ما دخلوا النار. والثاني : أنه إشارة إلى عابديها ، فالمعنى : لو كانت الأصنام آلهة ، منعت عابديها دخول النار. والثالث : أنه إشارة إلى الآلهة وعابديها ، بدليل قوله تعالى : (وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) يعني : العابد والمعبود.
قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) قد شرحنا معنى الزّفير في سورة هود (١) وفي علّة كونهم لا يسمعون ثلاثة أقوال :
(٩٩٨) أحدها : أنه يوضع في مسامعهم مسامير من نار ، ثم يقذفون في توابيت من نار مقفلة عليهم ، رواه أبو أمامة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حديث طويل. وقال ابن مسعود : إذا بقي في النار من يخلّد فيها جعلوا في توابيت من نار ، ثم جعلت تلك التّوابيت في توابيت أخرى ، فلا يسمعون شيئا ، ولا يرى أحدهم أنّ في النار أحدا يعذّب غيره.
والثاني : أنّ السّماع أنس ، والله لا يحبّ أن يؤنسهم ، قاله عون بن عمارة.
والثالث : إنما لم يسمعوا لشدّة غليان جهنّم ، قاله أبو سليمان الدّمشقي.
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧))
____________________________________
(٩٩٨) لم أقف عليه ، وهو واه ، فالمتن منكر ، لا يصح مرفوعا. وورد عن سويد بن غفلة موقوفا ، أخرجه البيهقي في «البعث» ٥٩٢. وورد عن ابن مسعود قوله أيضا ، وهو اللفظ الآتي. أخرجه الطبري ٢٤٨٢٩.
الخلاصة : المرفوع لا يصح ، والصحيح موقوف.
__________________
(١) سورة هود : ١٠٦.