اختصما ؛ على أنه قرأ ابن مسعود ، وابن أبي عبلة : «اختصما».
وفي خصومتهم ثلاثة أقوال : أحدها : في دين ربّهم ، وهذا على القولين تبقى كما هي. والثاني : في البعث ، قاله مجاهد. والثالث : أنه خصام مفاخرة ، على قول عكرمة.
قوله تعالى : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ) أي : سوّيت وجعلت لباسا. قال ابن عباس : قمص من نار ، وقال سعيد بن جبير : المراد بالنار ها هنا : النّحاس. فأمّا «الحميم» فهو الماء الحارّ (يُصْهَرُ بِهِ) قال الفرّاء : يذاب به ، يقال : صهرت الشّحم بالنار. قال المفسّرون : يذاب بالماء الحارّ (ما فِي بُطُونِهِمْ) من شحم أو معىّ حتى يخرج من أدبارهم ، وتنضج الجلود فتتساقط من حرّه ، (وَلَهُمْ مَقامِعُ) قال الضّحّاك : هي المطارق. وقال الحسن : إنّ النّار ترميهم بلهبها ، حتى إذا كانوا في أعلاها ، ضربوا بمقامع فهووا فيها سبعين خريفا ، فإذا انتهوا إلى أسفلها ، ضربهم زفير لهبها ، فلا يستقرّون ساعة. قال مقاتل : إذا جاشت جهنّم ، ألقتهم في أعلاها ، فيريدون الخروج ، فتتلقّاهم خزنة جهنّم بالمقامع ، فيضربونهم ، فيهوي أحدهم من تلك الضّربة إلى قعرها. وقال غيره : إذا دفعتهم النار ، ظنّوا أنها ستقذفهم خارجا منها ، فتعيدهم الزّبانية بمقامع الحديد.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤))
قوله تعالى : (وَلُؤْلُؤاً) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ : «ولؤلؤ» بالخفض. وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم : «ولؤلؤا» بالنصب. قال أبو عليّ : من خفض ، فالمعنى : يحلّون أساور من ذهب ومن لؤلؤ ؛ ومن نصب قال : ويحلّون لؤلؤا قال الزّجّاج : واللؤلؤ اسم جامع للحبّ الذي يخرج من البحر. قوله تعالى : (وَهُدُوا) أي : أرشدوا في الدنيا (إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه «لا إله إلّا الله ، والحمد لله» قاله ابن عباس. وزاد ابن زيد ؛ «والله أكبر». والثاني : القرآن ، قاله السّدّيّ. والثالث : الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، حكاه الماوردي. فأما «صراط الحميد» فقال ابن عباس : هو طريق الإسلام.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥))
قوله تعالى : (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي : يمنعون الناس من الدّخول في الإسلام. قال الزّجّاج : ولفظ «يصدون» لفظ مستقبل عطف به على لفظ الماضي ، لأنّ معنى «الذين كفروا» : الذين هم كافرون ، فكأنّه قال : إنّ الكافرين والصّادين ؛ فأمّا خبر «إنّ» فمحذوف ، فيكون المعنى : إنّ الذين هذه صفتهم هلكوا.
وفي «المسجد الحرام» قولان : أحدهما : جميع الحرم. روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : كانوا يرون الحرم كلّه مسجدا. والثاني : نفس المسجد ، حكاه الماوردي.