تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (١) ، وأنشدوا :
بواد يمان ينبت الشّثّ صدره |
|
وأسفله بالمرخ والشّبهان (٢) |
المعنى : وأسفله ينبت المرخ ؛ وقال آخر :
هنّ الحرائر لا ربّات أخمرة |
|
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (٣) |
وقال آخر :
نحن بنو جعدة أرباب الفلج |
|
نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج (٤) |
هذا قول جمهور اللغويين. قال ابن قتيبة : والباء قد تزاد في الكلام ، كهذه الآية ، وكقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (٥) (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (٦) (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)) (٧) (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) (٨) (عَيْناً يَشْرَبُ بِها) (٩) أي : يشربها ؛ وقد تزاد «من» ، كقوله تعالى : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) (١٠) ، وتزاد «اللام» كقوله تعالى : (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (١١) ، والكاف ، كقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١٢) ، و «عن» ، كقوله تعالى : (يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (١٣) ، و «إنّ» ، كقوله تعالى (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) (١٤) و «إن» الخفيفة ، كقوله تعالى : (فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) (١٥) ، و «ما» ، كقوله تعالى : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) (١٦) ، و «الواو» ، كقوله تعالى : (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ) (١٧).
وفي المراد بهذا الإلحاد خمسة أقوال (١٨) : أحدها : أنه الظّلم ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. وقال مجاهد : هو عمل سيئة ؛ فعلى هذا تدخل فيه جميع المعاصي ، وقد روي عن عمر بن الخطّاب أنه قال : لا تحتكروا الطعام بمكّة ، فإنّ احتكار الطعام بمكّة إلحاد بظلم. والثاني : أنه الشّرك ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وبه قال الحسن ، وقتادة. والثالث : الشّرك والقتل ، قاله عطاء. والرابع : أنه استحلال محظورات الإحرام ، وهذا المعنى محكيّ عن عطاء أيضا. والخامس : استحلال الحرام تعمّدا ، قاله ابن جريج.
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٠.
(٢) البيت : للأحوال اليشكري واسمه يعلى كما في «اللسان» ـ شث ـ و «مجاز القرآن» ٢ / ٤٨ والشّث : شجر طيب الريح ، مرّ الطعم يدبغ به. والمرخ : شجر كثير الوري سريعه ، وفي المثل : في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار واستمجد : استفضل ، ومنه الزناد الذي يقتدح به. والشبهان : نبت يشبه الثّمام.
(٣) البيت في «اللسان» ـ سور ـ و «مجاز القرآن» ١ / ٤ و «الخزانة» ٣ / ٦٦٨.
(٤) البيت لراجز من بني جعدة كما في «الخزانة» ٤ / ١٥٩.
(٥) سورة العلق : ١.
(٦) سورة مريم : ٢٤.
(٧) سورة القلم : ٦.
(٨) سورة الممتحنة : ١.
(٩) سورة الإنسان : ٦.
(١٠) سورة الذاريات : ٥٧.
(١١) سورة الأعراف : ١٥٤.
(١٢) سورة الشورى : ١١.
(١٣) سورة النور : ٦٣.
(١٤) سورة الجمعة : ٨.
(١٥) سورة الأحقاف : ٢٦.
(١٦) سورة المؤمنون : ٤٠.
(١٧) سورة الصافات : ١٠٣ ، ١٠٤.
(١٨) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٩ / ١٣٢ : وأولى الأقوال بالصواب قول ابن عباس وابن مسعود : من أنه معني بالظلم في هذا الموضع كل معصية لله وذلك أن الله عمّ بقوله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) ولم يخصص ، فهو على عمومه.