العذاب. قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) أي : ما تخفيه (وَما يُعْلِنُونَ) بألسنتهم من عداوتك وخلافك ؛ والمعنى أنه يجازيهم عليه. (وَما مِنْ غائِبَةٍ) أي : وما من جملة غائبة ، (إِلَّا فِي كِتابٍ) يعني اللّوح المحفوظ ؛ والمعنى : إنّ علم ما يستعجلونه من العذاب بيّن عند الله وإن غاب عن الخلق.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢))
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وذلك أنّ أهل الكتاب اختلفوا فيما بينهم فصاروا أحزابا يطعن بعضهم على بعض ، فنزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه ، فلو أخذوا به لسلموا. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) يعني بين بني إسرائيل (بِحُكْمِهِ) وقرأ أبو المتوكّل ، وأبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : «بحكمه» بكسر الحاء وفتح الكاف.
قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) قال المفسّرون : هذا مثل ضربه الله للكفّار فشبّههم بالموتى. قوله تعالى : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) وقرأ ابن كثير : «ولا يسمع الصّمّ» بفتح ميم «يسمع» وضمّ ميم «الصّمّ». قوله تعالى : (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) أي : أنّ الصّمّ إذا أدبروا عنك ثم ناديتهم ولم يسمعوا ، فكذلك الكافر. (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ) أي : ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى ، (إِنْ تُسْمِعُ) سماع إفهام (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا).
قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) «وقع» بمعنى وجب ، وفي المراد بالقول ثلاثة أقوال : أحدها : العذاب ، قاله ابن عباس. والثاني : الغضب ، قاله قتادة. والثالث : الحجّة ، قاله ابن قتيبة. ومتى ذلك؟ فيه قولان : أحدهما : إذا لم يأمروا بمعروف ، ولم ينهوا عن منكر ، قاله ابن عمر ، وأبو سعيد الخدري. والثاني : إذا لم يرج صلاحهم ، حكاه أبو سليمان الدّمشقي ، وهو معنى قول أبي العالية. والإشارة بقوله : (عَلَيْهِمْ) إلى الكفار الذين تخرج الدّابّة عليهم. وللمفسّرين في صفة الدّابّة أربعة أقوال :
(١٠٦٨) أحدها : أنها ذات وبر وريش ، رواه حذيفة بن اليمان عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وقال ابن عباس : ذات زغب وريش لها أربع قوائم.
والثاني : أنّ رأسها ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن إيّل ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير ، بين كلّ مفصلين اثنا عشر ذراعا ، رواه ابن جريج عن أبي الزّبير.
____________________________________
(١٠٦٨) هو الحديث الآتي.