والثاني : موسى وهارون ، قاله مجاهد : فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرّسالة. والثالث : محمّد وعيسى عليهماالسلام ، قاله قتادة ؛ فعلى هذا هو من قول اليهود الذين لم يؤمنوا بنبيّنا. وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ : «سحران» وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : التّوراة والفرقان ، قاله ابن عباس والسّدّيّ. والثاني : الإنجيل والقرآن ، قاله قتادة. والثالث : التّوراة والإنجيل ، قاله أبو مجلز وإسماعيل بن أبي خالد. ومعنى الكلام : كلّ سحر منهما يقوّي الآخر ، فنسب التظاهر إلى السّحرين توسّعا في الكلام ، (وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) يعنون ما تقدّم ذكره على اختلاف الأقوال ، فقال الله تعالى لنبيّه (قُلْ) لكفّار مكّة (فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما) أي : من التّوراة والقرآن (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّهما ساحران. (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) أي : فإن لم يأتوا بمثل التّوراة والقرآن ، (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) أي : أنّ ما ركبوه من الكفر لم يحملهم عليه حجّة ، وإنما آثروا فيه الهوى (وَمَنْ أَضَلُ) أي : ولا أحد أضلّ (مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً) أي : بغير رشد ولا بيان جاء (مِنَ اللهِ). (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) وقرأ الحسن وأبو المتوكّل وابن يعمر : «وصلنا» بتخفيف الصاد. وفي المشار إليهم قولان : أحدهما : أنهم قريش ، قاله الأكثرون ، منهم مجاهد. والثاني : اليهود ، قاله رفاعة القرظي. والمعنى :أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضا ، ويخبر عن الأمم الخالية كيف عذّبوا لعلّهم يتّعظون. (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) وفيهم ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم مؤمنوا أهل الكتاب ، رواه العوفيّ عن ابن عباس وبه قال مجاهد. والثاني : مسلمو أهل الإنجيل.
(١٠٧٧) روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشهدوا معه أحدا ، فنزلت فيهم هذه الآية.
والثالث : مسلمو اليهود ؛ كعبد الله بن سلام وغيره ، قاله السّدّيّ.
قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِهِ) أي : من قبل القرآن (هُمْ بِهِ) في هاء الكناية قولان : أحدهما : أنها ترجع إلى محمّد صلىاللهعليهوسلم لأنّ ذكره كان مكتوبا عندهم في كتبهم فآمنوا به. والثاني : إلى القرآن.
قوله تعالى : (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) يعني القرآن (قالُوا آمَنَّا بِهِ) ، (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ) أي : من قبل نزول القرآن (مُسْلِمِينَ) أي مخلصين لله تعالى مصدّقين بمحمّد ، وذلك لأنّ ذكره كان في كتبهم فآمنوا به (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) في المشار إليهم قولان : أحدهما : أنّهم مؤمنو أهل الكتاب ، وهذا قول الجمهور ، وهو الظّاهر ، وفيما صبروا عليه قولان : أحدهما : أنهم صبروا على الكتاب الأوّل وصبروا على اتّباعهم محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، قاله قتادة وابن زيد. والثاني : أنهم صبروا على الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث ثم على اتّباعه حين بعث ، قاله الضّحّاك. والقول الثاني : أنهم قوم من المشركين أسلموا فكان قومهم يؤذونهم فصبروا على الأذى ، قاله مجاهد.
قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) فيه أقوال قد شرحناها في الرّعد.
قوله تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : الأذى والسّبّ ، قاله مجاهد. والثاني : الشّرك ، قاله الضّحّاك. والثالث : أنهم قوم من اليهود آمنوا ، فكانوا يسمعون ما غيّر اليهود من
____________________________________
(١٠٧٧) ضعيف جدا. أخرجه الطبراني في «الأوسط» برقم ٧٦٥٨ من حديث ابن عباس بأتم منه ، وإسناده ضعيف جدا. فيه مجاهيل. قال السيوطي في «الأسباب» ١٠٧٣ : فيه من لا يعرف.