سورة العنكبوت
فصل في نزولها : روى العوفيّ عن ابن عباس أنّها مكّيّة ، وبه قال الحسن ، وعطاء ، وقتادة ، وجابر بن زيد ، ومقاتل. وفي رواية عن ابن عباس أنها مدنيّة. وقال هبة الله بن سلامة المفسّر : نزلت من أوّلها إلى رأس العشر بمكّة ، وباقيها بالمدينة. وقال غيره عكس هذا : نزلت العشر بالمدينة ، وباقيها بمكّة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤))
قوله تعالى : (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(١٠٨٢) أحدها : أنّه لمّا أمر بالهجرة ، كتب المسلمون إلى إخوانهم بمكّة أنّه لا يقبل منكم إسلامكم حتى تهاجروا ، فخرجوا نحو المدينة فأدركهم المشركون فردّوهم ، فأنزل الله تعالى من أوّل هذه السّورة عشر آيات ، فكتبوا إليهم يخبرونهم بما نزل فيهم ، فقالوا : نخرج ، فإن اتّبعنا أحد قاتلناه ، فخرجوا فاتّبعهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قتل ، ومنهم من نجا ، فأنزل الله تعالى فيهم : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) (١) ، هذا قول الحسن والشّعبيّ.
(١٠٨٣) والثاني : أنها نزلت في عمّار بن ياسر إذ كان يعذّب في الله عزوجل ، قاله عبد الله بن عبيد بن عمير.
(١٠٨٤) والثالث : أنّها نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطّاب حين قتل ببدر ، فجزع عليه أبواه وامرأته ، فأنزل الله تعالى في أبويه وامرأته هذه الآية.
____________________________________
(١٠٨٢) أخرجه الطبري ٢٧٦٩٣ وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٦٦ عن الشعبي مرسلا ، فهو ضعيف.
(١٠٨٣) أخرجه الطبري ٢٧٦٩٢ عن عبد الله بن عبيد بن عمير.
(١٠٨٤) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٦٧ عن مقاتل بدون إسناد ، ومقاتل ساقط الرواية ، فخبره واه.
__________________
(١) النحل : ١١٠.