سورة السّجدة
وتسمّى سورة المضاجع ، وهي مكّيّة بإجماعهم وقال الكلبيّ : فيها من المدنيّ ثلاث آيات ، أوّلها قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) (١). وقال مقاتل : فيها آية مدنيّة ، وهي قوله تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) الآية (٢). وقال غيرهما : فيها خمس آيات مدنيّات ، أوّلها (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤))
قوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ) قال مقاتل : المعنى : لا شكّ فيه أنّه تنزيل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ). (أَمْ يَقُولُونَ) بل يقولون ، يعني المشركين (افْتَراهُ) محمّد عليهالسلام من تلقاء نفسه ، (بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) يعني العرب الذين أدركوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يأتهم نذير من قبل محمّد عليهالسلام. وما بعده قد سبق تفسيره (٣) إلى قوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) يعني الكفّار ؛ يقول : ليس لكم من دون عذابه من وليّ ، أي : قريب يمنعكم فيردّ عذابه عنكم (وَلا شَفِيعٍ) يشفع لكم (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) فتؤمنون.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩))
قوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) في معنى الآية قولان (٤) : أحدهما : يقضي
__________________
(١) السجدة : ١٨.
(٢) السجدة : ١٦.
(٣) الأعراف : ٥٤.
(٤) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ١٠ / ٢٣٢ : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معناه :