(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥))
قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) قيل : إنها نزلت فيما أبداه القائل : لئن مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأتزوّجنّ عائشة (١). قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ). قال المفسّرون :
(١١٧١) لمّا نزلت آية الحجاب ، قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : ونحن أيضا نكلّمهنّ من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ) أي : في أن يروهنّ ولا يحتجبن عنهم ، إلى قوله تعالى : (وَلا نِسائِهِنَ) قال ابن عباس : يعني نساء المؤمنين ، لأنّ نساء اليهود والنّصارى يصفن لأزواجهنّ نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن رأينهنّ.
فإن قيل : ما بال العمّ والخال لم يذكرا؟ فعنه جوابان : أحدهما : لأنّ المرأة تحلّ لأبنائهما ، فكره أن تضع خمارها عند عمّها وخالها ، لأنهما ينعتانها لأبنائهما ، هذا قول الشّعبيّ وعكرمة. والثاني : لأنهما يجريان مجرى الوالدين فلم يذكرا ، قاله الزّجّاج.
فأما قوله تعالى : (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) ففيه قولان : أحدهما : أنه أراد الإماء دون العبيد ، قاله سعيد بن المسيّب. والثاني : أنه عامّ في العبيد والإماء. قال ابن زيد : كنّ أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يحتجبن من المماليك. وقد سبق بيان هذا في سورة النّور (٢).
قوله تعالى : (وَاتَّقِينَ اللهَ) أي : أن يراكنّ غير هؤلاء (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) أي : لم يغب عنه شيء.
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) في صلاة الله وصلاة الملائكة أقوال قد تقدّمت في هذه السّورة (٣).
قوله تعالى : (صَلُّوا عَلَيْهِ). قال كعب بن عجرة :
(١١٧٢) قلنا : يا رسول الله قد عرفنا التّسليم عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : قولوا : «اللهمّ
____________________________________
(١١٧١) لم أره مسندا ، وإنما عزاه المصنف للمفسّرين ، وهو خبر واه ، شبه لا شيء ، لخلوه عن الإسناد.
(١١٧٢) صحيح. أخرجه البخاري ٣٣٧٠ و ٤٧٩٧ و ٦٣٥٧ ومسلم ٤٠٦ وأبو داود ٩٧٦ و ٩٧٧ و ٩٧٨ والترمذي ٤٨٣ والنسائي ٣ / ٤٧ وابن ماجة ٩٠٤ والشافعي ١ / ٩٢ والحميدي ٧١١ و ٧١٢ وعبد الرزاق ٣١٠٥ وأحمد ـ
__________________
(١) انظر الحديث المتقدم برقم ١١٦٩.
(٢) النور : ٣١.
(٣) الأحزاب : ٤٣.