صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد» ، أخرجه البخاريّ ومسلم. ومعنى قوله قد علمنا التّسليم عليك : ما يقال في التشهّد : «السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته». وذهب ابن السّائب إلى أنّ معنى التّسليم : سلّموا لما يأمركم به.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :
(١١٧٣) أحدها : في الذين طعنوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين اتّخذ صفيّة بنت حييّ ، قاله ابن عباس.
والثاني : نزلت في المصوّرين ، قاله عكرمة.
والثالث : في المشركين واليهود والنّصارى ، وصفوا الله تعالى بالولد وكذّبوا رسوله وشجّوا وجهه وكسروا رباعيته وقالوا : مجنون شاعر ساحر كذّاب. ومعنى أذى الله : وصفه بما هو منزّه عنه (١) ،
____________________________________
٤ / ٢٤٤ وإسماعيل القاضي ٥٦ و ٥٧ و ٥٨ وابن الجارود ٢٠٦ وابن حبان ٩١٢ والطبراني ١٩ / ١١٦ ـ ١٢٨ ـ ١٢٩ والبيهقي ٢ / ١٤٧ من طرق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة به. وانظر «أحكام القرآن» ١٨٤٤ بتخريجنا.
فائدة : قال العلامة ابن القيم رحمهالله في «جلاء الأفهام» ص ١١٨ ـ ١٢٦ ما ملخصه : واختلف في آل النبي صلىاللهعليهوسلم على أربعة أقوال :
ـ فقيل : هم الذين حرمت عليهم الصدقة ، وفيهم ثلاثة أقوال للعلماء :
ـ أحدها : أنهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في رواية.
ـ والثاني : أنهم بنو هاشم خاصة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ، والرواية عن أحمد ، واختيار ابن القاسم صاحب مالك.
والثالث : أنهم بنو هاشم ، ومن فوقهم إلى غالب ، فيدخل بنو المطلب ، وبنو أمية ، وبنو نوفل ، وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك.
ـ قال : وهذا القول في الآل ـ أعني الذين تحرم عليهم الصدقة ـ هو منصوص الشافعي وأحمد والأكثرين ، وهو اختيار أصحاب أحمد والشافعي.
ـ والقول الثاني : أن آل النبي صلىاللهعليهوسلم هم ذريته وأزواجه خاصة ، حكاه ابن عبد البر في «التمهيد» ...
ـ والقول الثالث : أن آله أتباعه إلى يوم القيامة ، حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم ، ورجحه النووي في «شرح مسلم».
ـ والقول الرابع : أن آله هم الأتقياء من أمته ، حكاه القاضي حسين والراغب وجماعة.
ـ ثم ذكر ابن القيم رحمهالله أدلة أصحاب هذه الأقوال وعقب ذلك بقوله : والصحيح هو القول الأول ، ويليه الثاني ، وأما الثالث والرابع فضعيفان اه.
ـ وقال النووي كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٦٣٥ : إذا صلّي على النبي صلىاللهعليهوسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم فلا يقتصر على أحدهما ، فلا يقول : «صلى الله عليه» فقط ، ولا : «عليهالسلام». وقال ابن كثير : وهذا منتزع من الآية الكريمة فالأولى أن يقال : صلىاللهعليهوسلم تسليما.
(١١٧٣) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٢٨٦٤١ عن ابن عباس برواية عطية العوفي ، وهو واه ، وعنه مجاهيل.
__________________
(١) قال القرطبي رحمهالله في «تفسيره» ١٤ / ٢١١ : اختلف العلماء في أذية الله بما ذا تكون؟ فقال الجمهور من العلماء : معناه بالكفر ونسبة الصاحبة والولد والشريك إليه ، ووصفه بما لا يليق به ، كقول اليهود لعنهم الله :