سورة يس
وفيها قولان (١) : أحدهما : أنها مكّيّة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، والجمهور. وروي عن ابن عباس وقتادة أنهما قالا : إنها مكّيّة إلّا آية منها ، وهي قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا) (٢). والثاني : أنها مدنيّة ، حكاه أبو سليمان الدّمشقي ، وقال : ليس بالمشهور.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦))
وفي قوله تعالى : (يس) خمسة أقوال :
(١١٩٥) أحدها : أنّ معناها : يا إنسان ، بالحبشيّة ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومقاتل.
والثاني : أنها قسم أقسم الله به ، وهو من أسمائه ، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث : أنّ معناها : يا محمّد ، قاله ابن الحنفيّة ، والضّحّاك. والرابع : أنّ معناها : يا رجل ، قاله الحسن. والخامس : اسم من أسماء القرآن ، قاله قتادة. وقرأ الحسن ، وأبو الجوزاء : «يسن» بفتح الياء وكسر النون. وقرأ أبو المتوكّل وأبو رجاء وابن أبي عبلة بفتح الياء والنون جميعا. وقرأ أبو حصين الأسدي بكسر الياء وإظهار النون. قال الزّجّاج : والذي عند أهل العربية أنّ هذا بمنزلة افتتاح السّور ، وبعض العرب يقول : «يسن والقرآن» بفتح النون ، وهذا جائز في العربية لوجهين : أحدهما : أنّ «يس» اسم للسّورة ، فكأنه قال : اتل يس ، وهو على وزن هابيل وقابيل لا ينصرف. والثاني : أنه فتح لالتقاء السّاكنين ، والتسكين أجود لأنه حرف هجاء. قوله تعالى : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) هذا قسم ، وقد سبق معنى
____________________________________
(١١٩٥) أخرجه الطبري ٢٩٠٤٨ بسند رجاله ثقات عن عكرمة عن ابن عباس ، والله أعلم.
__________________
(١) قال القرطبي في «تفسيره» ١٥ / ٥ : هي مكية بإجماع ، إلا أن فرقة قالت : إن قوله تعالى (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) [الآية ١٢] نزلت في بني سلمة من الأنصار ... قلت : وفي هذا نظر وسيأتي.
(٢) يس : ٤٥.