الرّؤية على «كم» ، فلم يوقعها على «أنّ» وإن استأنفتها كسرتها.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا) وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة : «لمّا» بالتشديد ، (جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي : إنّ الأمم يحضرون يوم القيامة ، فيجازون بأعمالهم. قال الزّجّاج : من قرأ «لما» بالتخفيف ، ف «ما» زائدة مؤكّدة ، والمعنى : وإن كلّ لجميع ، ومعناه : وما كلّ إلّا جميع لدينا محضرون. ومن قرأ «لمّا» بالتشديد ، فهو بمعنى «إلّا» ، تقول : «سألتك لمّا فعلت» و «إلّا فعلت».
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ) وقرأ نافع : «الميتة» بالتشديد ، وهو الأصل ، والتخفيف أكثر ، وكلاهما جائز ؛ و «آية» مرفوعة بالابتداء ، وخبرها «لهم» ، ويجوز أن يكون خبرها «الأرض الميتة» ؛ والمعنى : وعلامة تدلّهم على التوحيد وأنّ الله يبعث الموتى أحياء ، الأرض الميتة.
قوله تعالى : (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) يعني ما يقتات من الحبوب.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِيها) وقوله تعالى (وَفَجَّرْنا فِيها) يعني في الأرض.
قوله تعالى : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) يعني النّخيل ، وهو في اللفظ مذكّر. (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : «عملته» بهاء. وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم : «عملت» بغير هاء. والهاء مثبتة في مصاحف مكّة والمدينة والشام والبصرة ، ومحذوفة من مصاحف أهل الكوفة. قال الزّجّاج : موضع «ما» خفض ؛ والمعنى : ليأكلوا من ثمره وممّا عملته أيديهم ؛ ويجوز أن يكون «ما» نفيا ؛ المعنى : ولم تعمله أيديهم ، وهذا على قراءة من أثبت الهاء ، فإذا حذفت الهاء ، فالاختيار أن تكون «ما» في موضع خفض ، وتكون بمعنى «الذي» ، فيحسن حذف الهاء ؛ وكذلك ذكر المفسّرون القولين ، فمن قال بالأوّل. قال : ليأكلوا ممّا عملت أيديهم ، وهو الغروس والحروث التي تعبوا فيها ، ومن قال بالثاني. قال : ليأكلوا ما ليس من صنعهم ، ولكنه من فعل الحقّ عزوجل (أَفَلا يَشْكُرُونَ) الله تعالى فيوحّدوه؟!. ثم نزّه نفسه بقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) يعني الأجناس كلّها (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) من الفواكه والحبوب وغير ذلك (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) وهم الذكور والإناث (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) من دوابّ البرّ والبحر وغير ذلك ممّا لم يقفوا على علمه.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠))
قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) أي : وعلامة لهم تدلّ على توحيدنا وقدرتنا الليل نسلخ منه النهار ؛ قال الفرّاء : نرمي بالنهار عنه ، و «منه» بمعنى «عنه». وقال أبو عبيدة : نخرج منه النهار ونميّزه منه فتجيء الظّلمة ، قال الماوردي : وذلك أنّ ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضيء ، فإذا خرج منه أظلم. وقوله تعالى : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) أي : داخلون في الظّلام. (وَالشَّمْسُ) أي : وآية لهم الشمس (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) وفيه أربعة أقوال :
أحدها : إلى موضع قرارها. روى أبو ذرّ قال :