الْعَظِيمِ) قولان : أحدهما : استعباد فرعون وبلاؤه ، وهو معنى قول قتادة. والثاني : الغرق ، قاله السّدّيّ. قوله تعالى : (وَنَصَرْناهُمْ) فيه قولان : أحدهما : أنه يرجع إلى موسى وهارون وقومهما. والثاني : أنه يرجع إليهما فقط ، فجمعا ، لأنّ العرب تذهب بالرئيس إلى الجمع ، لجنوده وأتباعه ، ذكرهما ابن جرير. وما بعد هذا قد تقدّم بيانه (١) ، إلى قوله : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) فيه قولان : أحدهما : أنه نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، قاله الأكثرون. والثاني : أنه إدريس ، قاله ابن مسعود ، وقتادة ، وكذلك كان يقرأ ابن مسعود ، وأبو العالية ، وأبو عثمان النّهديّ : «وإن إدريس» مكان «إلياس». قوله تعالى : (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) أي : ألا تخافون الله فتوحّدونه وتعبدونه؟! (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه بمعنى الرّبّ ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة. وقال الضّحّاك : كان ابن عباس قد أعياه هذا الحرف ، فبينا هو جالس ، إذ مرّ أعرابيّ قد ضلّت ناقته وهو يقول : من وجد ناقة أنا بعلها؟ فتبعه الصّبيان يصيحون به : يا زوج النّاقة ، يا زوج النّاقة ، فدعاه ابن عباس فقال : ويحك ، ما عنيت ببعلها؟ قال : أنا ربّها ، فقال ابن عباس : صدق الله : «أتدعون بعلا» : ربّا. وقال قتادة : هذه لغة يمانيّة. والثاني : أنه اسم صنم كان لهم ، قاله الضّحّاك ، وابن زيد. وحكى ابن جرير أنه به سمّيت «بعلبك». والثالث : أنها امرأة كانوا يعبدونها ، حكاه محمّد بن إسحاق. قوله تعالى : (اللهَ رَبَّكُمْ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم : «الله ربّكم» بالرّفع. وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم وخلف ويعقوب : «الله» بالنصب. قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) النار (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) الذين لم يكذّبوه ، فإنّهم لا يحضرون النّار.
الإشارة إلى القصّة
ذكر أهل العلم بالتفسير والسّير أنه لمّا كثرت الأحداث بعد قبض حزقيل ، وعبدت الأوثان ، بعث الله تعالى إليهم إلياس. قال ابن إسحاق : وهو إلياس بن تشبي بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران ، فجعل يدعوهم فلا يسمعون منه ، فدعا عليهم بحبس المطر ، فجهدوا جهدا شديدا ، واستخفى إلياس خوفا منهم على نفسه. ثم إنه قال لهم يوما : إنكم قد هلكتم جهدا ، وهلكت البهائم والشجر بخطاياكم ، فاخرجوا بأصنامكم وادعوها ، فإن استجابت لكم ، فالأمر كما تقولون ، وإن لم تفعل ، علمتم أنكم على باطل فنزعتم عنه ، ودعوت الله ففرّج عنكم ، فقالوا : أنصفت ، فخرجوا بأوثانهم ، فدعوا فلم تستجب لهم ، فعرفوا ضلالهم ، فقالوا : ادع الله لنا ، فدعا لهم فأرسل المطر وعاشت بلادهم ، فلم ينزعوا عمّا كانوا عليه ، فدعا إلياس ربّه أن يقبضه إليه ويريحه منهم ، فقيل له : اخرج يوم كذا إلى مكان كذا ، فما جاءك من شيء فاركبه ولا تهبه ، فخرج ؛ فأقبل فرس من نار ، فوثب عليه ، فانطلق به ، وكساه الله الرّيش وألبسه النّور وقطع عنه لذّة المطعم والمشرب ، فطار في الملائكة ، فكان إنسيّا ملكيّا ، أرضيّا سماويّا (٢).
قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائيّ :
__________________
(١) الأنبياء : ٤٨.
(٢) هذا من حماقات الإسرائيليين. وهو باطل.