فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل ، وساقوا مائة فرس ، ولم يتركوا كارها للخروج. فأشخصوا العبّاس بن عبد المطّلب ، ونوفل بن الحارث ، وطالب بن أبي طالب ، وأخاه عقيلا ، إلى أن نزلوا الجحفة.
فوضع جهيم بن الصّلت بن مخرمة المطّلبي رأسه فأغفى ، ثم فزع (١) فقال لأصحابه : هل رأيتم الفارس الّذي وقف عليّ آنفا. قالوا : لا ، إنّك (٢) مجنون. فقال : قد وقف عليّ فارس فقال : قتل أبو جهل ، وعتبة ، وشيبة ، وزمعة ، وأبو البختريّ ، وأميّة بن خلف ، فعدّ جماعة. فقالوا : (٣) إنّما لعب بك الشّيطان. فرفع حديثه [١٩ أ] إلى أبي جهل فقال : قد جئتمونا بكذب بني المطّلب مع كذب بني هاشم ، سترون غدا من يقتل.
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طلب العير ، فسلك على نقب (٤) بني دينار ، ورجع حين رجع من ثنيّة الوداع. فنفر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وأبطأ عنه كثير من أصحابه وتربّصوا. وكانت أوّل وقعة أعزّ الله فيها الإسلام.
فخرج في رمضان ومعه المسلمون على النّواضح (٥) يعتقب النّفر منهم على البعير الواحد. وكان زميل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّ بن أبي طالب ، ومرثد بن أبي مرثد الغنويّ حليف حمزة بن عبد المطّلب ، ليس مع الثلاثة إلّا بعير واحد.
__________________
(١) في الأصل ، ع : نزع ، وفي ح : رفع. والتصحيح من السياق ، يقال : فزع من نومه أي هبّ وانتبه.
(٢) في ع : (لأنك مجنون).
(٣) في الأصل : (فقال) : وأثبتنا نص ع ، ح.
(٤) النقب : الطريق الضيق في الجبل أو بين دارين لا يستطاع سلوكه.
(٥) النواضح : مفردها : الناضح ، وهو البعير أو الحمار أو الثور الّذي يستقى عليه الماء وهي ناضحة وسانية (تاج العروس ٧ / ١٨٤)