تتبع آثار الخيل ، فهم يريدون أن يدنوا من البيوت والآطام التي فيها الذّراريّ ، وأقسم بالله لئن فعلوا لأواقعنّهم في جوفها ، وإن كانوا ركبوا الأثقال وجنّبوا الخيل فهم يريدون الفرار (١). فلما أدبروا بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سعد بن أبي وقّاص في آثارهم. فلما رجع قال : رأيتهم سائرين على أثقالهم والخيل مجنوبة. قال : فطابت أنفس القوم ، وانتشروا [٣٦ أ] يبتغون قتلاهم. فلم يجدوا قتيلا إلّا مثّلوا به ، إلّا حنظلة بن أبي عامر (٢) ، وكان أبوه مع المشركين فترك (٣) لأجله. وزعموا أنّ أباه وقف عليه قتيلا فدفع صدره برجله ثم قال : ذنبان أصبتهما ، قد تقدّمت إليك في مصرعك هذا يا دبيس (٤) ، ولعمر الله إن كنت لواصلا للرّحم برّا بالوالد.
ووجدوا حمزة بن عبد المطّلب قد بقر بطنه وحملت كبده ، احتملها وحشيّ وقد قتله ، فذهب بكبده إلى هند بنت عتبة في نذر نذرته حين قتل أباها يوم بدر. فدفن في نمرة (٥) كانت عليه ، إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه ، فغطّوا قدميه بشيء من الشجر (٦).
وقال الزّهري : فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : زمّلوهم بدمائهم ، فإنّه ليس أحد
__________________
(١) المغازي لعروة ٣٣٤ ، سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٠ ، ١٧١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٢٧ ، الأغاني ١٥ / ٢٠١.
(٢) هو المعروف بغسيل الملائكة ، انظر عنه : تاريخ خليفة ١ / ٣٤ ، الجرح والتعديل ٣ / ٢٣٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٠٤ ، حلية الأولياء ١ / ٣٥٧ ، الطبري ٢ / ٥٢١ ، ٥٢٢ ، الاستيعاب ١ / ٣٨٠ ، المعارف ٣٤٣ ، طبقات الصوفية ٤٠٣ ، أنساب الأشراف ١ / ٣٢٠ ، ٣٢١ و ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٧٠ ، صفة الصفوة ١ / ٢٤٨ ، الوافي بالوفيات ١٣ / ٢٠٧ ، الإصابة ١ / ٣٦٠ ، تعجيل المنفعة ١٠٨.
(٣) في الأصل : فنزل. والتصحيح من ع.
(٤) يراد بالدبيس : عسل التمر ، وهو نداء حلو من الأب المشرك لابنه المسلم الشهيد. (انظر نسخة شعيرة ٢٠٣ حاشية ١).
(٥) النمرة : كل شملة مخطّطة من مآزر الأعراب. (تاج العروس ١٤ / ٢٩٤).
(٦) سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٢.