من الأنصار ، فكرهوا أن يتخيّروا لحمزة ، فقال : أسهموا بينهما ، فأيّهما طار له أجود الثوبين فهو له. فأسهموا بينهما ، فكفّن حمزة في ثوب والأنصاريّ في ثوب.
وقال يونس ، عن ابن إسحاق (١) : حدّثني الزّهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال : لما أشرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قتلى أحد قال : أنا الشهيد على هؤلاء ، ما من جريح يجرح في الله إلّا بعث يوم القيامة وجرحه يثعب (٢) دما ، اللّون لون الدم والريح ريح المسك ، انظروا أكثرهم جمعا للقرآن فاجعلوه أمام صاحبه في القبر. فكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر.
قال بن إسحاق (٣) : وحدّثني والدي ، عن رجال من بني سلمة ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال حين أصيب عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام : أجمعوا بينهما ، فإنّهما كانا متصافيين في الدنيا. قال أبي : فحدّثني أشياخ من الأنصار قالوا : لما ضرب معاوية عينه التي مرّت على قبور الشهداء ، استصرخنا عليهم وقد انفجرت عليهما في قبرهما ، فأخرجناهما وعليهما بردتان قد غطّى بهما وجوههما. وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض ، فأخرجناهما كأنّهما يتثنّيان تثنّيا كأنّما دفنا بالأمس.
وقال حمّاد بن زيد ، عن أيّوب ، عن أبي الزّبير ، عن جابر قال : استصرخنا إلى قتلانا يوم أحد ، وذلك حين أجرى معاوية العين ، فأتيناهم فأخرجناهم تثنّى أطرافهم رطابا ، على رأس أربعين سنة.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٢.
(٢) يثعب : يجري دما. (تاج العروس ٢ / ٨٦).
(٣) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٢.