عن أبي برزة(١) إنّ جليبيبا (٢) كان من الأنصار. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ذات يوم لرجل : «زوّجني ابنتك». قال : نعم ونعمة عين (٣) قال : «لست أريدها (٤) لنفسي». قال : فلمن؟ قال : «لجليبيب». قال : أستأمر أمّها. فأتاها فأجابت : لرسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : إنّما يريد ابنتك لجليبيب. قالت : الجليبيب؟ لا لعمر الله لا تزوّجه (٥). فلما قام أبوها ليأتي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. قالت : أفتردّون عليه أمره؟ ادفعني إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنّه لن يضيّعني. فذهب أبوها إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : شأنك بها. فزوّجها جليبيبا ، ودعا لهما. فبينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مغزى له قال : هل تفقدون من أحد؟ قالوا : نفقد فلانا ونفقد فلانا. قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : أفقد جليبيبا ، فاطلبوه فنظروا فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ، ثم قتلوه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا منّي وأنا منه. قتل سبعة ثم قتلوه. فوضعوه على ساعديه ثم حفروا له ، ما له سرير إلّا ساعدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى وضعه في قبره (٦).
__________________
(١) في ع : أبي بردة. والتصحيح من صحيح مسلم وتهذيب التهذيب (١٠ / ٤٤٦) وكما يرد في النصّ صحيحا بعد قليل.
(٢) جليبيب : بصيغة تصغير جلباب ، غير منسوب ، من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانت فيه دمامة ، فعرض عليه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم التزويج فقال : إذن تجدني يا رسول الله كاسدا؟ فقال : إنّك عند الله لست بكاسد. وانظر ترجمته في الإصابة (١ / ٢٤٢) والاستيعاب في الهامش (١ / ٢٥٦) وأسد الغابة (١ / ٣٤٨).
(٣) في مسند أحمد ٤ / ٤٢٢ «نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني».
(٤) في طبعة القدسي ١٩٧ «أريده» والتصويب من مسند أحمد.
(٥) هذه العبارة مضطربة في ع ، وقد رسمت هكذا «قالت حلقي الجليبيب لا لقمر والله لا زوجه» وواضح أنّها محرّفة عن النّصّ الصحيح الّذي أثبتناه والّذي ورد في الحديث كما رواه الإمام أحمد في مسندة ٤ / ٤٢٢ من طريق عفّان ، عن حمّاد بن سلمة ، عن أبي برزة الأسلمي. وفيه تقول الأم كالمستنكرة : أجليبيب ، إنيه. أجليبيب ، إنيه. أجليبيب ، إنيه (ثلاثا) إلخ وإنيه ، بكسر الألف والنون وسكون الياء بعدها هاء تقال في الإنكار والاستبعاد. قال الزّبيدي في التاج : (هذه اللفظة وردت في حديث جليبيب في مسند أحمد ، وفيها اختلاف كثير) ثم تبقى بعد هذا لفظة (حلقي) في أول العبارة ، ولعلّها تحريف شديد عن (محنقة) وقد أهملناها.
(٦) مسند أحمد ٤ / ٤٢١ ، و ٤٢٢ ، ٤٢٥.