وقيل سبعمائة ـ وسلك على المضيق (١) ، ثم أفضى إلى وادي الشّقرة ، فأقام بها يوما ، وبثّ السّرايا ، فرجعوا إليه مع اللّيل وأخبروه أنّهم لم يروا أحدا ، وقد وطئوا آثارا حديثة.
ثم سار النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، حتى أتى محالّهم ، فإذا ليس فيها أحد ، وهربوا إلى الجبال ، فهم مطلّون على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وخاف النّاس بعضهم بعضا.
وفيها صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأصحابه صلاة الخوف.
وقال عبد الملك بن هشام (٢) : وإنّما قيل لها ذات الرّقاع لأنّهم رقّعوا فيها راياتهم. قال : ويقال ذات الرّقاع شجرة هناك. والظاهر أنّهما غزوتان.
وقال شعيب ، عن الزّهري ، حدّثني سنان الدّؤلي ، وأبو سلمة ، عن جابر أنّه غزا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل نجد ، فلما قفل قفل معه ، فأدركته القائلة في واد كثير العضاة (٣) ، فنزل وتفرّق النّاس في العضاة يستظلّون بالشجر. وقال : هو تحت شجرة فعلق بها سيفه. فنمنا نومة ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعونا فأجبناه ، فإذا عنده أعرابيّ جالس ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال : من يمنعك منّي؟ قلت : الله. فشام (٤) السيف وجلس. فلم يعاقبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد فعل ذلك. متّفق عليه (٥).
__________________
(١) المضيق : قرية كبيرة في لحف جبل آرة قريبة من الفرع.
(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٤٦.
(٣) العضاة : أعظم الشجر أو كلّ شجرة ذات شوك.
(٤) شام السيف : أغمده.
(٥) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة ذات الرّقاع. وكتاب الجهاد والسير ، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة ، وباب تفريق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر.