الأعراب. فكنّا نبتدر الماء ، وكانت الأغراب يسبقوننا ، فيسبق الأعرابيّ أصحابه : فيلا الحوض ويجعل حوله حجارة ، ويجعل النّطع حتى يجيء أصحابه فأتى الأنصاري فأرخى زمام ناقته لتشرب فمنعه ، فانتزع حجرا ففاض [الماء] (١) فرفع الأعرابيّ خشبة فضرب بها رأس الأنصاريّ فشجّه ، فأتى عبد الله بن أبيّ فأخبره فغضب وقال : لا تنفقوا على من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ينفضّوا من حوله ، يعني الأعراب. وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. قال زيد : فسمعته فأخبرت عمّي ، فانطلق فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحلف وجحد ، فصدّقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذّبني. فجاء إلى عمّي فقال : ما أردت أن مقتك رسول الله [أو] كذّبك المسلمون. فوقع عليّ من الغمّ ما لم يقع على أحد قطّ. فبينا أنا أسير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد خفقت برأسي من الهمّ ، إذ أتاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعرك أذني وضحك في وجهي ، فما كان يسرّني أنّ لي بها الخلد أو الدنيا. ثم إنّ أبا بكر لحقني فقال : ما قال لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قلت : ما قال لي شيئا. فقال أبشر. فلمّا أصبحنا قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة المنافقين حتى بلغ منها : (الأذلّ).
وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن أرقم ، قال : سمعت عبد الله بن أبيّ يقول لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا من حوله. وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. فذكرت ذلك لعمّي فذكره لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحلفوا ما قالوا ، فصدّقهم وكذّبني ، فأصابني همّ ، فأنزل الله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) (٢) ، فأرسل إليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم [٤٤ ب] فقرأها عليّ ، وقال :
__________________
(١) سقطت من الأصل وأثبتناها من ع.
(٢) سورة المنافقون : من الآية ١.