كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ فقال : كذبت لعمر الله لنقتلنّه ، فإنّك منافق تجادل عن المنافقين ، فتثاور الحيّان : الأوس والخزرج ، حتى همّوا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قائم على المنبر ، فلم يزل يخفّضهم حتى سكتوا وسكت.
قالت : فبكيت (١) يومي ذلك وليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. فأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع ، حتى ظننت (٢) أنّ البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي ، استأذنت عليّ امرأة من الأنصار فجلست تبكي معي. فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلّم ثم جلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل [ما قيل قبلها (٣)] ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء. قالت : فتشهّد حين جلس ثم قال : أمّا بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله [٤٧ أ] وتوبي إليه فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه. قالت : فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقالته ، قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة. فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال. قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله. فقلت لأمّي : أجيبي رسول الله. قالت : ما أدري ما أقول له. فقلت وأنا يومئذ حديثة السّنّ لا أقرأ كثيرا من القرآن : إنّي والله لقد علمت لقد سمعتم (٤) هذا الحديث حتى (٥) استقرّ في أنفسكم وصدّقتم به ، فلئن قلت لكم إنّي بريئة ، والله يعلم أنّي بريئة ، لا تصدّقوني بذلك ، ولئن اعترفت
__________________
(١) في صحيح البخاري ٦ / ٨ «فمكثت».
(٢) في هامش الأصل : يظنّان ، خ ، أي في نسخة ، ولعلّه يقصد البخاري ، وهي لفظه ٦ / ٨.
(٣) ليست عليهالسلام ، وأثبتناها من ع والبخاري ٦ / ٨.
(٤) في الأصل : سمعت. والتصحيح من صحيح البخاري ٦ / ٨.
(٥) في طبعة القدسي ٢٥٠ «حق» والتصحيح من صحيح البخاري ٦ / ٨.