قالت : فبعثت في فدائه بمال منه قلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها. فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم القلادة رقّ لها وقال : «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها الّذي لها فافعلوا» (١). ففعلوا. فأخذ عليه عهدا أن يخلي زينب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرّا.
وقال ابن إسحاق (٢) : فبعث رسول صلىاللهعليهوسلم زيد بن حارثة ورجلا [٥٦ ب] [من الأنصار] (٣) ، فقال : كونا ببطن يأجج (٤) حتى تمرّ بكما زينب. وذلك بعد بدر بشهر. قال : وكان أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة (٥). وكان الإسلام قد فرّق بينه وبين زينب ، إلّا أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان لا يقدر أن يفرّق بينهما.
قال يونس ، عن ابن إسحاق (٦) : حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال : خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام ، وكان رجلا مأمونا. فكانت معه بضائع لقريش. فأقبل فلقيته سرية للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فاستاقوا عيره وهرب. وقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما أصابوا فقسمه بينهم. وأتى أبو العاص حتى دخل على زينب فاستجار بها ، وسألها أن تطلب له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ردّ ماله عليه. فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم السّريّة فقال لهم : إنّ هذا الرجل منّا حيث قد علمتم. وقد أصبتم له مالا ولغيره ممن كان معه ، وهو فيء ، فإن رأيتم أن تردّوا عليه فافعلوا ، وإن كرهتم فأنتم وحقّكم : قالوا : بل نردّه عليه. فردّوا
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسندة ٦ / ٢٧٦ ، وأبو داود (٢٦٩٢) من طريق ابن إسحاق ، وصحّحه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٣٦ وانظر سيرة ابن هشام ٣ / ٥٨.
(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ٥٨.
(٣) إضافة من نهاية الأرب ١٧ / ٥٨.
(٤) يأجج : مكان من مكة على ثمانية أميال. (معجم البلدان ٥ / ٤٢٤).
(٥) سيرة ابن هشام ٣ / ٥٧.
(٦) سيرة ابن هشام ٣ / ٥٩.