الْكَوافِرِ) (١). فطلّق عمر يومئذ امرأتين كانت له في الشّرك ، فتزوّج إحداهما معاوية ، والأخرى صفوان بن أميّة (٢).
ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير (٣) ، رجل من قريش ، وهو مسلم ، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا : العهد الّذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرّجلين. والله إنّي لأرى سيفك هذا جيّدا حدّا. فاستلّه الآخر فقال : أجل (٤) ، والله إنّه لجيّد ، لقد جرّبت به ثم جرّبت. فقال أبو بصير : أرني إليه. فأمكنه منه فضربه حتى برد. وفرّ الآخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو ، فقال للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم : قتل والله صاحبي وإنّي لمقتول. قال : فجاء أبو بصير فقال : يا نبيّ الله قد أوفى [الله] (٥) ذمّتك ، والله قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله بسيفهم. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ويل أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ (٦) لو كان له أحد». فلما سمع ذلك عرف أنه سيردّه إليهم. فخرج حتى أتى سيف البحر. وينفلت (٧) منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلّا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة.
__________________
(١) سورة الممتحنة : من الآية ١٠.
(٢) صحيح البخاري ٣ / ١٨٢.
(٣) قال النويري في نهاية الأرب ١٧ / ٢٤٤ : اختلف في اسمه ، فقيل عبيد بن أسيد بن جارية ، وقال ابن إسحاق : عتبة بن أسيد بن جارية ، وعن أبي معشر قال : اسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد.
(٤) في الأصل ، ع : الرجل وأثبتنا نصّ البخاري ٣ / ١٨٣.
(٥) زيادة من البخاري ٣ / ١٨٣ يقتضيها السياق.
(٦) المسعر : موقد نار الحرب. يقال هو مسعر حرب إذا كان يؤرثها ، أي تحمى به الحرب. أما عبارة ابن هشام ٤ / ٣١ فهي «محش حرب» وتاريخ الطبري ٢ / ٦٣٩.
(٧) في طبعة القدسي ٣٤٤ «ينفتل» والتصويب من صحيح البخاري ٣ / ١٨٣.