النّاس وبايع [وبايع] (١) حتى إذا في وسط النّاس قال : «بايعني يا سلمة». فقلت يا رسول الله قد بايعتك. قال : «وأيضا». قال : ورآني عزلا (٢) فأعطاني حجفة أو درقة (٣). ثم بايع ، حتى إذا كان في آخر النّاس قال : «ألا تبايع»؟ قلت : يا رسول الله قد بايعتك في أول النّاس وأوسطهم. قال : «وأيضا». فبايعت الثالثة. فقال : «يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك»؟ قلت : لقيني عامر فأعطيتها إيّاه (٤). فضحك ثم قال : «إنّك كالذي قال الأول : اللهمّ أبغني حبيبا هو أحبّ إليّ من نفسي». ثم إنّ مشركي مكّة راسلونا بالصّلح حتى مشى بعضنا إلى بعض فاصطلحنا. وكنت خادما لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسّه (٥) وآكل من طعامه. وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله. فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها (٦) فاضطجعت في ظلّها. فأتاني أربعة من أهل مكة ، فجعلوا يقعون في رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأبغضتهم ، فتحوّلت إلى شجرة أخرى ، فعلّقوا سلاحهم واضطجعوا. فبينا هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي : (٦٣ أ) يا للمهاجرين ، قتل ابن زنيم. فاخترطت سيفي فشددت على أولئك الأربعة وهم رقود ، فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا (٧) في يدي ، ثم قلت ، والّذي كرّم وجه محمد صلىاللهعليهوسلم لا يرفع أحد منكم رأسه إلّا ضربت الّذي فيه عيناه (٨). ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وجاء
__________________
(١) زيادة من صحيح مسلم لتوضيح المعنى.
(٢) عزلا : أعزل ليس معه سلاح.
(٣) الجحفة والدرقة : شبيهتان بالترس.
(٤) كذا في الأصل و (ع) ، وعبارة مسلم «فأعطيته إياها» ولعلّها أصحّ.
(٥) الحسّ : نفض التراب عن الدّابّة بالمحسّة وهي الفرجون (الفرشاة).
(٦) كسحت شوكها : كنست ما تحتها من الشوك.
(٧) الضغث : الحزمة.
(٨) يريد رأسه.