عنه بالراية يهرول وأنا خلفه حتى ركّزها في رضم (١) من حجارة تحت الحصن. فاطلع إليه يهوديّ من رأس الحصن فقال : من أنت؟ قال : أنا عليّ بن أبي طالب (قال) (٢) : غلبتم وما أنزل على موسى. فما رجع حتى فتح الله عليه (٣).
وقال يونس بن بكير ، عن المسيّب بن مسلم الأزدي ، حدّثنا عبد الله ابن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ربّما أخذته الشقيقة (٤) فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، ولما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى النّاس ، وإنّ أبا بكر أخذ راية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ، ثم رجع. فأخذها عمر فقاتل قتالا هو أشدّ قتالا من القتال الأوّل ، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «لأعطينّها غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله يأخذها عنوة ، وليس ثمّ عليّ. فتطاولت لها قريش ، ورجا كلّ رجل منهم أن يكون صاحب ذلك. فأصبح وجاء عليّ على بعير حتى أناخ قريبا ، وهو أرمد قد عصب عينه بشقّ برد قطري (٥). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مالك»؟ قال : رمدت بعدك ، قال : «أدن منّي» ، فتفل في عينه ، فما وجعها (حتى) (٦) مضى لسبيله ، ثم أعطاه الراية فنهض بها ، وعليه جبة
__________________
(١) رضم ورضام : حجارة أو صخور بعضها على بعض ، هي دون الهضبة. (النهاية في غريب الحديث ٢ / ٢٣١).
(٢) زيادة يقتضيها السياق ، إذ القول على لسان اليهودي. كما جاء في سيرة ابن هشام ٤ / ٤٢ «علوتم».
(٣) مناقب أمير المؤمنين علي للواسطي ١٣٢ رقم ٢١٧.
(٤) الشقيقة : صداع يأخذ في نصف الرأس والوجه.
(٥) القطر والقطرية : ضرب من البرود يكون من غليظ القطن ، أو خمر لها أعلام فيها بعض الخشونة.
(٦) سقطت من الأصل ، وأثبتناها من ع.