حلّت ، فبنى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : واتّخذ حيسا (١) في نطع صغير ، وكانت وليمته. فرأيته يحوّي لها بعباءة خلفه ، ويجلس عند ناقته ، فيضع ركبته فتجيء صفيّة فتضع رجلها على ركبته ثم تركب (٢). فلما بدا لنا أحد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا جبل يحبّنا ونحبّه». أخرجه البخاري ، بأطول من هذا ، ومسلم (٣).
وقال محمد بن جعفر بن أبي كثير : أخبرني حميد ، سمع أنسا قال : أقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني عليه بصفيّة. فدعوت المسلمين إلى وليمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما كان فيها من خبز ولا لحم ، وما كان إلّا أن أمر [بلالا] (٤) بالأنطاع فبسطت ، وألقي عليها التمر والأقط والسّمن. فقال المسلمون : إحدى أمّهات المؤمنين هي أو ما ملكت يمينه؟ قالوا : إن حجبها فهي إحدى أمّهات المؤمنين ، وإن لم يحجبها فهي ما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطّأ لها خلفه ، ومدّ الحجاب بينها وبين النّاس. أخرجه البخاري (٥).
وقال حمّاد بن سلمة (٦). عبيد الله بن عمر ـ فيما أحسب ـ عن نافع ، عن ابن عمر ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم ، فغلب على الأرض والزرع والنّخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ، ولهم ما حملت ركابهم ، ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم الصّفراء والبيضاء ، ويخرجون منها.
__________________
(١) الحيس : تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه وربّما جعل فيه سويق (المحيط).
(٢) المغازي لعروة ١٩٩ ، فتح الباري ٧ / ٤٨٠.
(٣) صحيح البخاري : كتاب الجهاد والسير ، باب من غزا بصبيّ للخدمة. وكتاب المغازي ، باب غزوة خيبر (٤٢١١) وصحيح مسلم : كتاب النكاح ، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوّجها.
(٤) إضافة من البخاري ٥ / ٧٧ والبداية والنهاية ٤ / ١٩٦.
(٥) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر. ٥ / ٧٧ ، ٧٨ وانظر الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ١٢٢.
(٦) انظر دلائل النبوّة للبيهقي ، وفتوح البلدان للبلاذري ١ / ٢٥.