واشترط عليهم أن لا يكتموا شيئا ، فإن فعلوه فلا ذمّة لهم ولا عهد. فغيّبوا مسكا (١) فيه مال وحلى لحييّ بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت [بنو] النّضير. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمّ حييّ : ما فعل مسك حييّ الّذي جاء به من النّضير؟ قال : أذهبته النّفقات والحروب. فقال : العهد قريب والمال أكثر من ذلك. فدفعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الزّبير ، فمسّه بعذاب. وقد كان حييّ قبل ذلك دخل خربة ، فقال عمّه : قد رأيت حييّا يطوف في خربة هاهنا : فذهبوا فطافوا. فوجدوا المسك في الخربة. فقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابني [أبي] (٢) حقيق ، وأحدهما زوج صفيّة. وسبى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم بالنّكث الّذي نكثوا.
وأراد أن يجليهم منها. فقالوا : يا محمد ، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها. ولم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا لأصحابه غلال (٣) يقومون عليها ، فأعطاهم على النّصف ما بعدا (٤) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥). فكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كلّ عام فيخرصها عليهم ثم يضمّنهم الشّطر. فشكوا إلى رسول الله] ٧٠ ب] صلىاللهعليهوسلم شدّة خرصة (٦) ، وأرادوا أن يرشوه فقال : يا أعداء الله تطعموني السّحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحبّ النّاس إليّ ، ولأنتم أبغض إليّ من عدّتكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي إيّاكم وحبّي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض.
__________________
(١) المسك : الجلد عامة أو جلد السخلة خاصة (السخلة ولد الشاة).
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في طبعة القدسي ٣٩ «غلمان» والتصحيح من البداية والنهاية ٤ / ١٩٩.
(٤) النقص واضح في العبارة ، وفي البداية والنهاية ٤ / ١٩٩ «فأعطاهم خيبر على أنّ لهم الشطر من كل زرع ونخيل وشيء ما بدا لرسول الله».
(٥) رواه أبو داود في سنة ٣ / ١٥٨ رقم ٣٠٠٦ كتاب الخراج والإمارة والفيء.
(٦) الخرص : الخزر والحدس والتخمين ، وخرص العدد قدّره تقديرا بظنّ لا إحاطة.