وقال عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم التقى هو والمشركون في بعض مغازيه ، فاقتتلوا. فمال كلّ فريق (١) إلى عسكرهم ، وفي المسلمين رجل لا يدع للمشركين شاذّة ولا فاذّة (٢) إلّا أتّبعها يضربها بسيفه (٣). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إنّه من أهل النار». فقالوا :
أيّنا من أهل الجنّة إن كان من أهل النار؟ فقال رجل : والله لا يموت على هذه الحال أبدا ، فاتّبعه حتى جرح ، فاشتدّت جراحته واستعجل الموت ، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه. فجاء الرجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أشهد إنّك لرسول الله ، قال : «وما ذاك»؟ فأخبره. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنّة فيما يبدو للنّاس وإنّه من أهل النار ، وإنه ليعمل بعمل أهل النّار فيما يبدو للنّاس وإنّه لمن أهل الجنّة».
متّفق عليه (٤).
وأخرج البخاري (٥) من حديث شعيب (٦) بن أبي حمزة ، عن الزّهري ، عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة قال : شهدنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر ، فقال لرجل ، يعني النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إنّ هذا من أهل النار. فلما حضر القتال قاتل الرجل. فذكر نحو حديث سهل بن سعد.
__________________
(١) في صحيح البخاري «قوم» بدل «فريق».
(٢) الشاذ : هو الّذي يكون مع الجماعة ثم يفارقهم. والفاذّ هو الّذي لم يكن قط قد اختلط بهم والتأنيث فيهما باعتبار النفس والتاء للوحدة (شرح الكرماني).
(٣) في صحيح البخاري زيادة : «فقيل يا رسول الله ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان».
(٤) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر ٥ / ٧٦ وصحيح مسلم (١١٢) كتاب الإيمان ، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه إلخ.
(٥) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر. (٥ / ٧٤ ، ٧٥).
(٦) في الأصل : سعيد ، تحريف تصويبه من صحيح البخاري ومن ترجمته في تهذيب التهذيب (٤ / ٣٥١).