المهاجرون المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء. وكان الأنصار أهل أرض ، فقاسموا المهاجرين على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كلّ عام ، ويكفونهم العمل والمئونة. وكانت أمّ أنس ، وهي أمّ سليم ، أعطت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عذاقا لها ، فأعطاهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمّ أيمن مولاته أمّ أسامة بن زيد. فأخبرني أنس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما فرغ من قتال أهل خيبر ، وانصرف إلى المدينة ، ردّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم ، وردّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أمّي عذاقها (١) ، وأعطى أمّ أيمن مكانهنّ من حائطه.
قال ابن شهاب : وكان من شأن أمّ أسامة بن زيد أنّها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطّلب. وكانت من الحبشة. فلما ولدت آمنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانت أمّ أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعتقها ، ثم أنكحها زيد بن حارثة. ثم توفّيت بعد ما توفّي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخمسة أشهر. أخرجه مسلم (٢).
وقال معتمر (٣) : حدّثنا أبي ، عن أنس ، أنّ الرجل كان يعطي من ماله النّخلات أو ما شاء الله من ماله ، النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، حتى فتحت عليه قريظة والنّضير ، فجعل يردّ بعد ذلك ، فأمرني أهلي أن آتيه فأسأله الّذي [٧٥ أ] كانوا أعطوه أو بعضه ، وكان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أعطاه أمّ أيمن ، أو كما شاء الله ، قال : فسألته ، فأعطانيهنّ. فجاءت أمّ أيمن فلوت الثّوب في عنقي ، وجعلت تقول : كلّا والله لا إله إلّا هو ، لا نعطيكهنّ وقد أعطانيهنّ. فقال نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أمّ أيمن اتركي كذا وكذا». وهي تقول لا والله. حتى أعطاها عشرة أمثال ذلك ، أو نحوه. وفي لفظ في الصّحيح : وهي تقول :
__________________
(١) أي نخلاتها.
(٢) صحيح مسلم (١٧٧١) كتاب الجهاد والسير ، باب ردّ المهاجرين إلى الأنصار منائحهم إلخ.
(٣) في طبعة القدسي ٤١١ «معمر» وهو تصحيف ، والتصحيح من صحيح البخاري ٥ / ٥١.