وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق : بلغني أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أخذ الراية زيد فقاتل بها حتى قتل شهيدا ، ثم أخذها جعفر فقاتل حتى قتل شهيدا» ، ثم صمت ، حتى تغيّرت وجوه الأنصار ، وظنّوا قد كانت في عبد الله بعض ما يكرهون. فقال : «ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ، ثم قال : «لقد رفعوا إلى الجنّة فيما يرى النّائم على سرر من ذهب. فرأيت في سرير عبد الله ازورارا عن سريري صاحبيه. فقلت : عمّ هذا؟ فقيل لي : مضيا وتردّد عبد الله بعض التردّد ثم مضى (١)».
وقال الواقدي (٢) : حدّثني عبد الله بن الحارث بن فضيل ، عن أبيه قال : لما أخذ الراية خالد بن الوليد : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الآن حمي الوطيس» (٣).
قال : فحدّثني العطّاف بن خالد قال : لما قتل ابن رواحة مساء ، بات خالد ، فلما أصبح غدا وقد جعل مقدّمته ساقة ، وساقته مقدّمة ، وميمنته ميسرة ، وميسرته ميمنة. فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم ، وقالوا : قد جاءهم مدد ، فرعبوا فانكشفوا منهزمين ، فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم.
وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، سمعت خالد بن الوليد يقول : لقد اندقّ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، فما بقي في يدي إلّا صفيحة يمانية. أخرجه البخاري (٤).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٧٣ ، وانظر الطبقات لابن سعد ٢ / ١٣٠.
(٢) انظر المغازي للواقدي (٢ / ٧٦٤) والطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ١٢٩.
(٣) حمي الوطيس : أي حمي الضرب وجدّت الحرب واشتدت.
(٤) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، غزوة مؤتة. (٥ / ٨٧).