وقال الواقدي (١) : حدّثني محمد بن صالح التّمّار ، عن عاصم بن عمر ابن قتادة ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لمّا قتل زيد أخذ الراية جعفر فجاءه الشيطان فحبّب إليه الحياة وكرّه إليه الموت ومنّاه الدنيا ، فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين ، تمنّيني الدنيا؟ ثم مضى قدما حتى استشهد» ، فصلّى عليه ودعا له ، وقال [٨٣ ب] : «استغفروا له ، فإنّه دخل الجنّة وهو يطير في الجنّة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنّة».
وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشّعبي أنّ ابن عمر كان إذا سلّم على عبد الله بن جعفر ، قال : السلام عليك يا بن ذي الجناحين. رواه خ (٢).
وقال عبد الوهاب الثقفي : ثنا يحيى بن سعيد ، أخبرتني عمرة ، سمعت عائشة تقول : لما جاء قتل جعفر وابن حارثة وابن رواحة ، جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المسجد يعرف فيه الحزن ، وأنا أطّلع من شقّ الباب. فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، إنّ نساء جعفر ، وذكر بكاءهنّ ، فأمره أن ينهاهنّ. فذهب الرجل ثم أتى فقال : قد نهيتهنّ. وذكر أنّهن لم يطعنه. فأمره الثانية أن ينهاهنّ ، فذهب ثم أتى فقال : والله قد غلبننا. فزعمت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فاحث في أفواههنّ التّراب». فقلت : أرغم الله أنفك ، ما أنت بفاعل ، وما تركت رسول الله صلىاللهعليهوسلم من العناء ، أخرجاه عن محمد بن المثنّى عنه (٣).
__________________
(١) انظر : المغازي للواقدي (٢ ـ ٧٦١ ـ ٧٦٢).
(٢) كتب الحرف في الأصل بالحمرة ولم يظهر في المصوّرة وأثبتناه عن ح. والحديث رواه البخاري في كتاب المغازي ، باب غزوة مؤتة. (٥ / ٨٧).
(٣) صحيح البخاري : كتاب الجنائز ، باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن. وصحيح مسلم (١٩٣٥) كتاب الجنائز ، باب التشديد في النياحة. وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٧٣ برواية عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، عن أبيه ، عن عائشة.