سفيان فجهّز منذرا إلى قريش يستنفرهم إلى أموالهم. فأسرعوا الخروج ، ولم يتخلّف من أشرافهم أحد ، إلّا أنّ أبا لهب قد بعث مكانه العاص أخا أبي جهل. ولم يخرج أحد من بني عديّ بن كعب. وكان أميّة بن خلف شيخا جسيما فأجمع القعود. فأتاه عقبة بن أبي معيط ـ وهو في المسجد ـ بمجمرة وبخور فوضعها بين يديه ، وقال : أبا عليّ ، استجمر! فإنّما أنت من النّساء. قال : قبّحك الله ، فتجهّز (١) وخرج معهم.
وخرج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في ثامن رمضان ، واستعمل على المدينة عمرو بن أمّ مكتوم على الصّلاة. ثم ردّ أبا لبابة من الرّوحاء (٢) واستعمله على المدينة. ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير. وكان أمام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم رايتان سوداوان ، إحداهما مع عليّ رضياللهعنه ، والأخرى مع رجل أنصاريّ. وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ.
فكان مع المسلمين سبعون بعيرا يعتقبونها (٣) ، وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا. فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعليّ ، ومرثد بن أبي مرثد يعتقبون بعيرا. وكان أبو بكر ، وعمر ، وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا. فلما قرب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم من الصّفراء (٤) بعث اثنين يتجسسان أمر أبي سفيان. وأتاه الخبر بخروج نفير قريش ، فاستشار النّاس ، فقالوا : خيرا. وقال المقداد بن الأسود : يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا
__________________
(١) في الأصل (فتجمّر) والتصحيح من ع ، ح. وسيرة ابن هشام ٣ / ٣١.
(٢) الرّوحاء : من عمل الفرع بالمدينة ، على نحو من ثلاثين أو أربعين يوما منها. (معجم البلدان) ، ويقول العلّامة الأستاذ حمد الجاسر إنّها لا تزال معروفة وتسمّى (الرحا) على طريقة البدو في الإبدال (المغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي ، قسم المواضع ١٦١ هامش).
(٣) يعتقبونها : يتعاقبون عليها ويتناوبونها. والاعتقاب : كالتعاقب : التداول.
(٤) الصفراء : واد من ناحية المدينة كثير النّخل والزّرع في طريق الحاجّ. بينه وبين بدر مرحلة.
(معجم البلدان).