وقال الواقديّ (١) : حدّثني ربيعة بن عثمان ، عن يزيد بن رومان : أنّ أبا عبيدة لما أتى عمرا صاروا خمسمائة ، وسار اللّيل والنّهار حتى وطئ بلاد بليّ ودوّخها ، وكلّما [٨٠ ب] انتهى إلى موضع بلغه أنّه كان بذلك الموضع جمع ، فلما سمعوا به تفرّقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بليّ وعذرة وبلقين (٢). ولقي في آخر ذلك جمعا ، فاقتتلوا ساعة وتراموا بالنّبل. ورمي يومئذ عامر بن ربيعة ، فأصيب ذراعه. وحمل المسلمون عليهم فهربوا وأعجزوها هربا في البلاد. ودوّخ عمرو ما هناك. وأقام أياما يغير أصحابه على المواشي.
(وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل ، فأصابهم برد فقال لهم عمرو : لا يوقدنّ أحد نارا. فلما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم شكوه ، فقال : يا نبيّ الله ، كان في أصحابي قلّة فخشيت أن يرى العدوّ قلّتهم ، ونهيتهم أن يتبعوا العدوّ مخافة أن يكون لهم كمين. فأعجب ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم) (٣).
وقال جرير بن حازم : ثنا يحيى بن أيّوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيمّمت ثم صلّيت بأصحابي الصّبح. فذكروا ذلك للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا عمرو صلّيت بأصحابك وأنت جنب». فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إنّي سمعت الله يقول : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ
__________________
(١) المغازي ٢ / ٧٦٩ ، ٧٧٠.
(٢) بلقين : وهي في البخاري برسم «بني القين» ، قبيلة من العرب المستعربة.
(٣) لم يرد هذا الخبر في الأصل ، ع ، وتفرّدت به ح وأثبتناه عنها. وقد رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٣ / ٢٥٤ ب.