فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الرّوضة. قلنا : أخرجي الكتاب قالت : ما معي كتاب ، قلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لنقلعنّ الثياب. فأخرجته من عقاصها (١) فأتينا به النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين يخبرهم ببعض أمر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «يا حاطب ما هذا»؟ قال : يا رسول الله لا تعجل ، إنّي كنت امرأ ملصقا (٢) في قريش ولم أكن من أنفسها ، وكان من كان من المهاجرين معك لهم قرابات يحمون بها أهليهم بمكة ، ولم يكن لي قرابة ، فأحببت أن أتّخذ فيهم يدا ـ إذ فاتني ذلك ـ يحمون بها قرابتي ، وما فعلته كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّه قد صدقكم». فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. قال : «إنّه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعلّ الله تعالى اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
أخرجه البخاري عن قتيبة (٣) ومسلم عن ابن أبي شيبة (٤) وأبو داود عن مسدّد (٥) كلّهم عن سفيان (٦).
__________________
(١) العقاص : جمع عقيصة ، وهي ضفيرة الشعير.
(٢) عند السهيليّ في الروض الأنف ٤ / ٩٨ «كنت عريرا» ثم فسّر العرير وقال : هو الغريب.
(٣) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة الفتح. (٥ / ٨٩) وهو عن قتيبة عن سفيان بالسند المذكور. وباب فضل من شهد بدرا ، وفي كتاب الجهاد ، باب الجاسوس ، وباب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمّة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهنّ ، وفي تفسير سورة الممتحنة في فاتحتها ، وفي الاستئذان ، باب من نظر في كتاب من يحذر من المسلمين ليستبين أمره ، وفي استتابة المرتدّين ، باب ما جاء في المتأولين. (جامع الأصول ٨ / ٣٦٠ ، ٣٦١).
(٤) صحيح مسلم (٢٤٩٤) كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
(٥) سنن أبي داود : كتاب الجهاد. باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما (٢ / ٤٤).
(٦) وأخرجه الترمذي رقم (٣٣٠٢) في تفسير القرآن ، باب ومن سورة الممتحنة. وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٨٨.