وقال [٩٢ أ] الوليد بن مسلم : أخبرني من سمع عمرو بن دينار ، عن ابن عمر قال : كانت خزاعة حلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونفاثة (١) حلف أبي سفيان. فعدت نفاثة على خزاعة ، فأمدّتها قريش. فلم يغز رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريشا حتى بعث إليهم ضمرة ، فخيّرهم بين إحدى ثلاث : أن يدوا قتلى خزاعة ، وبين أن يبرءوا من حلف نفاثة ، أو ينبذ إليهم على سواء. قالوا : ننبذ على سواء. فلمّا سار ندمت قريش ، وأرسلت أبا سفيان يسأل تجديد العهد.
وقال : ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال (٢) : كانت بين نفاثة من بني الدّيل ، وبين بني كعب ، حرب. فأعانت قريش وبنو كنانة بني نفاثة على بني كعب. فنكثوا العهد إلّا بنو مدلج ، فإنّهم وفوا بعهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فذكر القصّة ، وشعر عمرو بن سالم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي». فأنشأت سحابة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ هذه السحابة تستهلّ بنصر بني كعب ، أبصروا أبا سفيان فإنّه قادم عليكم يلتمس تجديد العهد والزيادة في المدّة» (٣).
فأقبل أبو سفيان فقال : يا محمد جدّد العهد وزدنا في المدّة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أو لذلك قدمت؟ هل كان من حدث قبلكم؟» قال : معاذ الله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فنحن على عهدنا وصلحنا». ثم ذكر ذهابه إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وأنّه قال له : أنت أكبر قريش فأجر بينها. قال : صدقت إنّي كذلك فصاح : ألا إنّي قد أجرت بين النّاس ، وما أظنّ أن يردّ جواري ولا يحقر بي. قال : أنت تقول ذاك يا أبا حنظلة؟ ثم خرج.
__________________
(١) نفاثة : بطن من كنانة من بني الدئل بن بكر بن عبد مناة.
(٢) المغازي لعروة ٢٠٨.
(٣) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ١٣٤ والمغازي للواقدي ٢ / ٧٩١.