عبّاس ، ما يريدون؟ قال : سمعوا النّداء بالصلاة فتبشّروا (١) بحضور النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فلمّا أبصرهم أبو سفيان يمرّون إلى الصّلاة ، وأبصرهم يركعون ويسجدون إذا سجد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قال : يا عبّاس ، ما يأمرهم بشيء إلّا فعلوه؟! فقال : لو نهاهم عن الطّعام والشّراب لأطاعوه ، فقال ، يا عبّاس ، فكلّمه في قومك ، هل عنده من عفو عنهم؟ فانطلق عبّاس بأبي سفيان حتى أدخله على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، هذا أبو سفيان. فقال أبو سفيان : يا محمد قد استنصرت بإلهي واستنصرت بإلهك ، فو الله ما لقيتك من مرّة إلّا ظهرت عليّ ، فلو كان إلهي محقّا وإلهك باطلا ظهرت عليك ، فأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله.
وقال عبّاس : يا رسول الله إنّي أحبّ أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم ما نزل بهم ، وأدعوهم إلى الله ورسوله. فأذن له. قال : كيف أقول لهم؟ قال : «من قال لا إله إلّا الله [٩٣ أ] وحده لا شريك له ، وشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، وكفّ يده ، فهو آمن. ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن». قال : يا رسول الله ، أبو سفيان ابن عمّنا ، فأحبّ أن يرجع معي ، وقد خصصته (٢) بمعروف. فقال : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فجعل أبو سفيان يستفهمه (٣). ودار أبي سفيان بأعلى مكة. وقال : من دخل دارك يا حكيم فهو آمن. ودار حكيم في أسفل مكة.
وحمل النّبيّ صلىاللهعليهوسلم العبّاس على بغلته البيضاء التي أهداها إليه دحية الكلبيّ ، فانطلق العبّاس وأبو سفيان قد أردفه. ثم بعث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في أثره ، فقال : أدركوا العبّاس فردّوه عليّ. وحدّثهم بالذي خاف عليه. فأدركه
__________________
(١) في المغازي لعروة «يتيّسرون لحضور».
(٢) في المغازي لعروة : ٢١ «فلو اختصصته بمعروف».
(٣) في المغازي لعروة «يستفقهه».