مكة. وقال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد على إحدى المجنّبتين (١) ، وبعث الزّبير على المجنّبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحسر. ثم رآني [٩٦ ب] فقال : يا أبا هريرة. قلت : لبّيك وسعديك يا رسول الله. قال : اهتف لي بالأنصار ولا تأتني إلّا بأنصاري. قال : ففعلته. ثم قال : انظروا قريشا وأوباشهم فاحصدوهم حصدا.
فانطلقنا فما أحد منهم يوجّه إلينا شيئا ، وما منّا أحد يريد أحدا منهم إلّا أخذه. وجاء أبو سفيان. فقال : يا رسول الله : أبيدت (٢) خضراء قريش (٣) لا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن ألقى السّلاح فهو آمن» فألقوا سلاحهم.
ودخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبدأ بالحجر فاستلمه ، ثمّ طاف سبعا وصلّى خلف المقام ركعتين. ثم جاء ومعه القوس [وهو] (٤) آخذ بسيتها (٥) ، فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم ، وهو يقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٦). ثم انطلق حتى أتى الصّفا (٧) ، فعلا منه حتى يرى البيت ، وجعل يحمد الله ويدعوه ، والأنصار عنده يقولون : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته. وجاء الوحي ، وكان الوحي إذا جاء لم يخف علينا. فلما أن رفع الوحي قال : يا معشر الأنصار قلتم كذا وكذا ، كلّا فما اسمي إذا؟ كلّا ، إنّي عبد الله ورسوله. المحيا محياكم
__________________
(١) المجنبتين : هما الميمنة والمسيرة ، والقلب بينهما.
(٢) وفي رواية «أبيحت».
(٣) خضراء قريش : أي جماعتهم.
(٤) زيادة من صحيح مسلم تقتضيها صحة العبارة.
(٥) سيتها : أي بطرفها ، وهي خفيفة الياء.
(٦) سورة الإسراء : من الآية ٨١.
(٧) الصّفا : مكان مرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي ومنه يبدأ السعي بين الصّفا والمروة من مناسك الحجّ. (معجم البلدان ٣ / ٤١١).