فسترت عليه فاطمة. ثم أخذ ثوبا فالتحف به ثم صلّى ثماني ركعات ، سبحة الضّحى. أخرجه مسلم (١).
وقال الليث ، عن المقبريّ ، عن أبي شريح العدويّ ، أنه قال لعمرو بن سعيد ، وهو يبعث البعوث إلى مكة : ائذن لي أيّها الأمير ، أحدّث قولا قام به رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغد من يوم الفتح؟ سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلّم به ، [أنّه] (٢) حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «إنّ الله حرّم مكة ولم يحرّمها الناس ، ولا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخّص بقتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها ، فقولوا له إنّ الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس. فليبلّغ الشّاهد الغائب». فقيل لأبي شريح : ما ذا قال لك عمرو؟ قال : قال أنا أعلم بذاك منك يا أبا شريح ، إنّ الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارّا بدم ولا فارّا بخربة (٣) متّفق عليه (٤).
وقال ابن عيينة ، عن عليّ بن زيد ، عمّن حدثه عن ابن عمر ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة وهو على درجة الكعبة : «الحمد لله الّذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده. ألا إنّ قتيل العمد الخطأ بالسّوط أو العصا فيه مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها. ألا إنّ كلّ مأثرة في الجاهلية ودم ومال تحت قدميّ هاتين إلا ما كان من سدانة البيت
__________________
(١) صحيح مسلم ، كتاب الحيض ، باب تستّر المغتسل بثوب ونحوه (١ / ١٨٢ ـ ١٨٣) ، وكتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب استحباب صلاة الضحى وأنّ أقلّها ركعتان وأكملها ثمان ركعات (٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨).
(٢) زيادة من النسختين : ع ، ح. وصحيح مسلم.
(٣) الخربة : البلية.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب العلم (٦ / ١٧٦ و ١٧٧) باب : ليبلّغ الشاهد الغائب ، وفي الحج ، باب : لا يعضد شجر الحرم ، وفي المغازي (٥ / ٩٨) ، باب منزل النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح ، ومسلم (١٣٥٤) في الحج ، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ... ، وانظر : شفاء الغرام (بتحقيقنا) ١ / ١٠٧.