وقال عمرو بن مرّة : سمعت أبا البختريّ يحدّث عن أبي سعيد الخدريّ قال : لما نزلت (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) (١) قرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «إنّي وأصحابي حيّز ، والناس حيّز ، لا هجرة بعد الفتح». فحدّثت به مروان ابن الحكم ـ وكان على المدينة ـ فقال : كذبت. وعنده زيد بن ثابت ، ورافع ابن خديج ، وكانا [١٠٠ ب] معه على السّرير. فقلت : إنّ هذين لو شاءا لحدّثاك ، ولكنّ هذا ، يعني زيدا ، يخاف أن تنزعه عن الصّدقة ، والآخر يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه. قال : فشدّ عليه بالدّرّة ، فلما رأيا ذلك قالا : صدق (٢).
وقال حمّاد بن زيد ، عن أيّوب ، حدّثني أبو قلابة ، عن عمرو بن سلمة ، ثم قال : هو حيّ ، ألا تلقاه فتسمع منه؟ فلقيت عمرا فحدّثني بالحديث ، قال : كنّا بممرّ الناس ، فتمرّ بنا الرّكبان فنسألهم : ما هذا الأمر؟ وما للنّاس؟ فيقولون : نبيّ يزعم أنّ الله قد أرسله ، وأنّ الله أوحى إليه كذا وكذا. وكانت العرب تلوّم (٣) بإسلامها الفتح ، ويقولون : انظروه ، فإنّ ظهر فهو نبيّ فصدّقوه. فلما كان وقعة الفتح ، بادر (٤) كل قوم بإسلامهم. فانطلق أبي بإسلام حوائنا (٥) إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقدم فأقام عنده كذا وكذا. ثم جاءنا فتلقّيناه ، فقال : جئتكم من عند رسول الله حقّا ، وإنه يأمركم بكذا ، وصلاة كذا وكذا. وإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم ، وليؤمّكم أكثركم قرآنا. فنظروا في أهل حوائنا فلم يجدوا أكثر قرآنا منّي فقدّموني ، وأنا ابن سبع سنين ، أو ستّ سنين.
__________________
= (١٦٣٨) باب ما جاء في الهجرة ، وأحمد في المسند ١ / ٢٢٦ و ٣١٦ و ٣٥٥ ، و ٣ / ٢٢ و ٤٠١ ، و ٥ / ١٨٧ ، و ٦ / ٤٦٦.
(١) أول سورة النصر.
(٢) رواه أحمد في المسند ٣ / ٢٢ و ٥ / ١٨٧.
(٣) تلوّم : أصلها تتلوّم. وتلوّم في الأمر تمكّث وانتظر.
(٤) في الأصل : بادى. والتصحيح من ح وصحيح البخاري.
(٥) الحواء : جماعة البيوت المتدانية.