بيضة تسعه من عظم هامته ، فاعتجر (١) على رأسه ببرد له.
وخرج الأسود بن عبد الأسد المخزوميّ ـ وكان شرسا سيّئ الخلق ـ فقال : أعاهد الله لأشربنّ من حوضهم أو لأهدمنّه أو لأموتنّ دونه. وأتاه فخرج إليه حمزة بن عبد المطّلب ، فالتقيا فضربه حمزة فقطع ساقه ، وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دما. ثم جاء إلى الحوض حتى اقتحم فيه ليبرّ يمينه ، واتّبعه حمزة فقتله في الحوض.
ثم إنّ عتبة بن ربيعة خرج للمبارزة بين أخيه شيبة ، وابنه الوليد بن عتبة ، ودعوا للمبارزة ، فخرج إليه عوف ومعوّذ ابنا عفراء وآخر من الأنصار. قالوا : من أنتم؟ قالوا : من الأنصار. قالوا : ما لنا بكم من حاجة ، ليخرج إلينا أكفاؤنا من قومنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قم يا عبيدة بن الحارث ، ويا حمزة ، ويا عليّ. فلما دنوا منهم ، قالوا : من أنتم؟ فتسمّوا لهم. فقال : أكفاء كرام. فبارز عبيدة ـ وكان أسنّ القوم ـ عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز عليّ الوليد. فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله. وأمّا عليّ فلم يمهل الوليد أنّ قتله. واختلف عتبة وعبيدة بينهما ضربتين : كلاهما أثبت (٢) صاحبه. وكرّ عليّ وحمزة على عتبة فدفّفا (٣) عليه. واحتملا عبيدة إلى أصحابهما (٤).
ثم تزاحف الجمعان. وقد أمر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم وقال : انضحوهم عنكم بالنّبل. وهو صلىاللهعليهوسلم في العريش ، معه أبو بكر. وذلك يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان. ثم عدّل رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) الاعتجار : ليّ الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك. والعجرة ، بالكسر : نوع من العمّة ، يقال : فلان حسن العجرة (تاج العروس ١٢ / ٥٣٨).
(٢) أثبته : اصابه بحيث لا يتحرّك.
(٣) دفّف عليه : أجهز عليه ، ومثلها ذفّف.
(٤) انظر الخبر في المغازي لعروة بن الزبير ـ ص ١٤٠ ، ١٤١.