فردّوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم (١).
ثم ركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم واتّبعه الناس يقولون : يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا ، حتى اضطرّوه إلى شجرة فانتزعت عنه رداءه فقال :
«ردّوا عليّ ردائي ، فو الّذي نفسي بيده لو كان لكم عدد شجر تهامة [نعما] (٢) لقسمته عليكم ، ثم ما لقيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذّابا». ثم قام إلى جنب بعير وأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين إصبعيه وقال : «أيّها الناس ، والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم. فأدّوا الخياط والمخيط (٣) ، فإن الغلول (٤) عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة». فجاء رجل من الأنصار بكبّة (٥) من خيوط شعر فقال : أخذت [١١٠ أ] هذه لأخيط بها برذعة بعير لي دبر (٦). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما حقّي منها فلك». فقال الرجل : أمّا إذا بلغ الأمر هذا فلا حاجة لي بها. فرمى بها (٧).
وقال أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنّ عمر سأل النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو بالجعرانة. فقال : إنّي نذرت في الجاهليّة أن أعتكف يوما في المسجد الحرام. قال : «اذهب فاعتكف». وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أعطاه جارية من الخمس. فلما أن أعتق رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبايا الناس ، قال عمر : يا عبد الله ، اذهب إلى تلك الجارية فخلّ سبيلها. أخرجه مسلم (٨).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ / ١٥٢ وانظر المغازي للواقدي ٣ / ٩٥١ ، ٩٥٢ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ١٥٣ ، ١٥٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٨٧.
(٢) زيادة من (ح) وابن هشام.
(٣) الخياط : الخيط ، والمخيط : الإبرة.
(٤) الغلول : الخيانة في المغنم والسرقة وكل من خان في شيء خفية فقد غلّ.
(٥) الكبّة : من الغزل أو الشعر ما جمع على شكل كرة أو أسطوانة.
(٦) الدبر : قروح تصيب ظهر البعير أو خفه ، فهو دبر وأدبر.
(٧) سيرة ابن هشام ٤ / ١٥٣ ، ١٥٤ ، تاريخ الطبري ٣ / ٨٩ ، ٩٠.
(٨) صحيح مسلم : كتاب الإيمان ، باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم (٢٨ / ١٦٥٦).