لأعلم ما أتاك به إلّا الله ، فالحمد لله الّذي هداني للإسلام. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : فقّهوا أخاكم في دينه ، وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره. ففعلوا.
ثم قال : يا رسول الله إنّي كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله ، وأنا أحبّ أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله ورسوله ، لعلّ الله أن يهديهم. وإلّا آذيتهم في دينهم. فأذن له ولحق بمكة. وكان صفوان يعد قريشا يقول : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن تنسيكم وقعة بدر. وكان صفوان يسأل عنه الركبان ، حتى قدم راكبا فأخبره عن إسلامه ، فحلف لا يكلّمه أبدا ولا ينفعه بشيء أبدا. ثم أقام يدعو إلى الإسلام ، ويؤذيهم. فأسلم على يديه ناس كثير (١).
* * *
بقيّة أحاديث غزوة بدر
وهي كالشّرح لما قدّمناه فيها :
قال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود رضياللهعنه ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمرا : فنزل على أميّة ابن خلف (٢) ـ وكان أميّة ينزل عليه إذا سافر إلى الشام ـ فقال لسعد : انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل النّاس فطف. قال : فبينا هو يطوف إذا أتاه أبو جهل فقال : من أنت : قال : أتطوف آمنا وقد أويتم محمّدا وأصحابه ، وتلاحيا. فقال أميّة لسعد : لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنّه سيّد أهل الوادي. فقال : [١٣ أ] والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعنّ عليك متجرك بالشّام. وجعل أميّة يقول : لا ترفع صوتك. فغضب وقال : دعنا منك ، فإنّي سمعت محمدا صلىاللهعليهوسلم يزعم أنه قاتلك قال : إيّاي؟ قال : نعم.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ / ٧٠ ، ٧١.
(٢) انظر عنه : المحبّر ١٤٠ و ١٦٠ و ١٦٢ و ١٧٠ و ١٧٤ ، تهذيب ابن هشام ٧٠ و ٨٢ و ٨٤.