تعبد ، ثم التفت وكأنّ شقّ وجهه القمر ، فقال : كأنّما انظر إلى مصارع القوم عشيّة بدر.
وقال خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس رضياللهعنهما ، أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال وهو في قبّته يوم بدر : اللهمّ إنّي أنشدك عهدك ووعدك ، اللهمّ إنّ شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا. فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربّك ، وهو في الدرع. فخرج وهو يقول : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (١) أخرجه البخاري (٢).
وقال عكرمة بن عمّار : حدّثني أبو زميل سماك الحنفي ، حدّثني ابن عبّاس ، عن عمر قال : لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المشركين وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا. فاستقبل القبلة ثمّ مدّ يديه (٣) فجعل يهتف بربّه ، مادّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه فقال : يا نبيّ الله (٤) كفاك (٥) مناشدتك ربّك فإنّه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله [عزوجل (٦)](إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (٧) فأمدّه الله بالملائكة.
فحدّثني ابن عبّاس قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتدّ في أثر
__________________
(١) سورة القمر : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) صحيح البخاري : كتاب التفسير ، سورة اقتربت الساعة (٦ / ١٧٩).
(٣) في طبعة القدسي ٦٤ «يده» والتصويب من صحيح مسلم ، ونسخة شعيرة ، والبداية والنهاية.
(٤) في ع : (يا رسول الله).
(٥) في الأصل ، ع : (كذاك). والتصحيح. والتصحيح من ح. ورواه مسلم «كذاك».
(٦) زيادة من ع ، ح. وصحيح مسلم.
(٧) سورة الأنفال : ٩.