(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (١).
وقال موسى الجهنيّ عن أبي بكر بن حفص بن عمر : إنّ عائشة تمثّلت لمّا احتضر أبو بكر :
لعمرك ما يغني الثّراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر |
فقال : ليس كذلك ولكن : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ) ، إنّي نحلتك حائطا وإنّ في نفسي منه شيئا فردّيه على الميراث ، قالت : نعم ، قال : أما إنّا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنّا أكلنا من جريش (٢) طعامهم في بطوننا ، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا ، وليس عندنا من فيء المسلمين شيء إلّا هذا العبد الحبشيّ وهذا البعير الناضح وجرد هذه القطيفة (٣) ، فإذا متّ فابعثي بهنّ إلى عمر ، ففعلت (٤).
وقال القاسم ، عن عائشة : إنّ أبا بكر حين حضره الموت قال : إنّي لا أعلم عند آل أبي بكر غير هذه اللقحة وغير هذا الغلام الصّيقل ، كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا ، فإذا متّ فادفعيه إلى عمر ، فلمّا دفعته إلى عمر قال عمر : رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده (٥).
وقال الزّهريّ : أوصى أبو بكر أن تغسّله امرأته أسماء بنت عميس ، فإن
__________________
(١) سورة ق ، الآية ١٩ ، وانظر الحديث في طبقات ابن سعد ٣ / ١٩٧ من طريق حمّاد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، و ٣ / ١٩٨ من طريق عفّان بن مسلم ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن سميّة ، عن عائشة.
(٢) أبي خشن طعامهم.
(٣) أي التي انجرد حملها وخلقت.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ١٩٦ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٤٢٢ ، ٤٢٣ ، مناقب عمر لابن الجوزي ٥٦.
(٥) طبقات ابن سعد ٣ / ١٩٢.