فلقي جابان في سنة ثلاث عشرة ـ وقيل في أول سنة أربع عشرة ـ بين الحيرة والقادسيّة. فهزم الله المجوس ، وأسر جابان ، وقتل مردان شاه ، ثمّ إنّ جابان فدى نفسه بغلامين وهو لا يعرف أنّه المقدّم ، ثم سار أبو عبيد إلى كسكر (١) فالتقى هو ونرسيّ فهزمه ، ثم لقي جالينوس فهزمه.
ثم إنّ كسرى بعث ذا الحاجب ، وعقد له على اثني عشر ألفا ، ودفع إليه سلاحا عظيما ، والفيل الأبيض ، فبلغ أبا عبيد مسيرهم ، فعبر الفرات إليهم وقطع الجسر ، فنزل ذو الحاجب قسّ النّاطف ، وبينه وبين أبي عبيد الفرات ، فأرسل إلى أبي عبيد : إمّا أن تعبر إلينا وإمّا أن نعبر إليك. فقال أبو عبيد : نعبر إليكم ، فعقد له ابن صلوبا (٢) الجسر ، وعبر فالتقوا في مضيق في شوّال. وقدم ذو الحاجب جالينوس معه الفيل. فاقتتلوا أشدّ قتال وضرب أبو عبيد مشفر الفيل ، وضرب أبو محجن عرقوبه (٣).
ويقال إنّ أبا عبيد لمّا رأى الفيل قال :
يا لك من ذي أربع ما أكبرك |
|
لأضربنّ بالحسام مشفرك |
وقال : إن قتلت فعليكم ابني جبر. فإن قتل فعليكم حبيب بن ربيعة أخو أبي محجن ، فإن قتل فعليكم أخي عبد الله. فقتل جميع الأمراء ، واستحرّ القتل في المسلمين فطلبوا الجسر. وأخذ الراية المثنّى بن حارثة فحماهم في جماعة ثبتوا معه. وسبقهم إلى الجسر عبد الله بن يزيد فقطعه ، وقال : قاتلوا عن دينكم ، فاقتحم النّاس الفرات ، فغرق ناس كثير ، ثم عقد المثنّى الجسر وعبرة النّاس.
__________________
(١) سبق التعريف بها.
(٢) هكذا في الأصل وتاريخ الطبري ٣٣ ـ ٣٤ و ٤٥٦.
(٣) عرقوب الدابّة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها ـ والخبر في تاريخ خليفة ـ ص ١٢٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٤٥٠ وما بعدها.