الزّبير ، ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى النّاس وقال : والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة ولا سألتها الله في سرّ ولا علانية ، فقبل المهاجرون مقالته. وقال عليّ والزّبير : ما غضبنا (١) إلّا لأنّا أخّرنا عن المشاورة ، وإنّا نرى أبا بكر أحق النّاس بها بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إنّه لصاحب الغار ، وإنّا لنعرف شرفه وخيره ، ولقد أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصّلاة بالنّاس وهو حيّ (٢).
وقد قيل إنّ عليّا رضياللهعنه تمادى عن المبايعة مدّة : فقال يونس ابن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني صالح بن كيسان ، عن عروة ، عن عائشة قالت : لمّا توفّيت فاطمة بعد أبيها بستّة أشهر اجتمع الى عليّ أهل بيته ، فبعثوا إلى أبي بكر : ائتنا ، فقال عمر : لا والله لا تأتيهم ، فقال أبو بكر : والله لآتينّهم ، وما تخاف عليّ منهم! فجاءهم حتّى دخل عليهم فحمد الله ثمّ قال : إنّي قد عرفت رأيكم ، قد وجدتم عليّ في أنفسكم من هذه الصّدقات التي ولّيت عليكم ، وو الله ما صنعت ذلك إلّا أنّي لم أكن أريد أن أكل شيئا من أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم كنت أرى أثره فيه وعمله إلى غيري حتى أسلك به سبيله وأنفذه فيما جعله الله ، وو الله لأن أصلكم أحبّ إليّ من أن أصل أهل قرابتي لقرابتكم من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولعظيم حقّه. ثم تشهّد عليّ وقال : يا أبا بكر والله ما نفسنا عليك خيرا جعله الله لك أن لا تكون أهلا لما أسند إليك ، ولكنّا كنّا من الأمر حيث قد علمت فتفوت به علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، وقد رأيت أن أبايع وأدخل فيما دخل فيه النّاس ، وإذا كانت العشيّة (٣) فصلّ بالنّاس الظّهر ، واجلس على المنبر حتّى آتيك فأبايعك ، فلمّا صلّى أبو بكر الظّهر ركب المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الّذي كان من
__________________
(١) في بعض النسخ (عصينا) وهو تصحيف.
(٢) البداية والنهاية ٦ / ٣٠٢.
(٣) ما بعد الزوال إلى المغرب عشيّ ، وقيل العشيّ من زوال الشمس إلى الصباح ، على ما في (النهاية لابن الأثير).