أمر عليّ ، وما دخل فيه من أمر الجماعة والبيعة ، وها هو ذا فاسمعوا منه ، فقام عليّ فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر أبا بكر وفضله وسنّه ، وأنّه أهل لما ساق الله إليه من الخير ، ثم قام إلى أبي بكر فبايعه. أخرجه البخاري (١) من حديث عقيل عن الزّهريّ ، عن عروة ، عن عائشة ، وفيه : «وكان لعليّ من النّاس وجه ، حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت استنكر عليّ وجوه النّاس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته. (٢).
قصّة الأسود العنسيّ (٣).
قال سيف بن عمر التّميمي : ثنا المستنير بن يزيد النّخعي ، عن عروة ابن غزيّة ، عن الضّحّاك بن فيروز الدّيلميّ ، عن أبيه قال : أوّل ردّة كانت في
__________________
(١) في المغازي ٥ / ٨٢ ، ٨٣ باب غزوة خيبر ، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٥٩) باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لا نورث ما تركنا فهو صدقة.
(٢) قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية ٥ / ٢٨٦) فهذه البيعة التي وقعت من عليّ لأبي بكر ، بعد وفاة فاطمة ، بيعة مؤكّدة للصلح الّذي وقع بينهما ، وهي ثانية للبيعة التي ذكرناها أوّلا يوم السّقيفة ، كما رواه ابن خزيمة ، وصحّحه مسلم ، ولم يكن عليّ مجانبا لأبي بكر هذه الستّة الأشهر ، بل كان يصلّي وراءه ، ويحضر عنده للمشورة ، وركب معه إلى ذي القصّة. وانظر : نهاية الأرب للنويري ١٩ / ٣٩ حيث يقول : وروى أبو عمر بن عبد البرّ بسنده : عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أنّ عليّا والزبير كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها في أمرهم ، فبلغ ذلك عمر ، فدخل عليها فقال : يا بنت رسول الله ، ما كان من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، وقد بلغني أن هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ ، ثم خرج وجاءوها ، فقالت لهم : إنّ عمر قد جاءني وحلف إن عدتم ليفعلنّ ، وايم الله ليفينّ بها ، فانظروا في أمركم ، ولا تنظروا إليّ ، فانصرفوا ولم يرجعوا حتى بايعوا لأبي بكر. رضياللهعنهم أجمعين.
وهذا الحديث يردّ قول من زعم أنّ عليّ بن أبي طالب لم يبايع إلّا بعد وفاة فاطمة رضياللهعنها.
(٣) بفتح العين وسكون النون ، نسبة إلى عنس بن مالك بن أدد. انظر عنه : فتوح البلدان للبلاذريّ ١ / ١٢٥ ـ ١٢٧ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٨٥ ، وتاريخ خليفة ١١٦ ، ١١٧ ، وثمار القلوب للثعالبي ١٤٨ ، والمعرفة والتاريخ للفسوي ٣ / ٢٦٢ ، والبدء والتاريخ لمطهّر المقدسي