وكان لكسرى وقيصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهر طويل ، فأمّا الأكاسرة والفرس وهم المجوس فملكوا العراق والعجم نحوا من خمسمائة سنة ، [فأوّل ملوكهم دارا ، وطال عمره فيقال إنّه بقي في الملك مائتي سنة] (١) ، وعدّة ملوكهم خمسة وعشرون نفسا ، منهم امرأتان ، وكان آخر القوم يزدجرد الّذي هلك في زمان عثمان ، وممّن ملك منهم ذو الأكتاف سابور (٢) ، عقد له بالأمر وهو في بطن أمّه ، لأنّ أباه مات وهذا حمل ، فقال الكهّان : هذا يملك الأرض ، فوضع التّاج على بطن الأمّ ، وكتب منه (٣) إلى الآفاق وهو بعد جنين ، وهذا شيء لم يسمع بمثله قطّ ، وإنّما لقّب بذي الأكتاف لأنّه كان ينزع أكتاف من غضب عليه ، وهو الّذي بنى الإيوان الأعظم وبنى نيسابور وبنى سجستان (٤).
ومن متأخّري ملوكهم أنوشروان ، وكان حازما عاقلا ، كان له اثنا عشر ألف امرأة وسريّة ، وخمسون ألف دابّة ، وألف فيل إلّا واحدا ، وولد نبيّنا صلىاللهعليهوسلم في زمانه (٥) ، ثمّ مات أنوشروان وقت موت عبد المطلب ، ولمّا استولى الصّحابة على الإيوان أحرقوا ستره ، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبا.
وقعة جلولاء (٦)
في هذه السّنة قال ابن جرير الطّبريّ (٧) : فقتل الله من الفرس مائة
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.
(٢) في نسخة دار الكتب «شابور» وكلاهما صحيح.
(٣) في نسخة دار الكتب (وكتب به).
(٤) انظر عنه : تاريخ سنّي ملوك الأرض والأنبياء لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص ٤٧ ـ طبعة دار مكتبة الحياة ببيروت ـ الطبعة الثالثة.
(٥) المصدر نفسه ـ ص ٥٣.
(٦) جلولاء : بالمدّ ، طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان ، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ ، وهو نهر عظيم يمتدّ إلى بعقوبا. (معجم البلدان ٢ / ١٥٦).
(٧) تاريخ الطبري ٤ / ٢٦.